الحسين لازال يفكر بالثورة / الحلقة 1 - 2
الحلقة 1
مقالي
ليس لمن يبكي على الحسين في كربلاء لانه قتل هناك ولازال دمه فيها ويتصور
عظمته من تقطع أشلائه وأهل بيته في مشهد مأساوي .. لان أولئك يبحثون عن
الثواب مرة بالحسين ومرة بالمسواك !! كلامي لمن يريد الحسين لانه حسين
القران وجزءً أساسي من الرسول الأعظم (ص) ..
لقد
انطلقت ثورة الحسين من صميم الاسلام واستمدت قوتها وديمومتها من مبادئ
القران الكريم ولذلك لم تندرس هذه الثورة ! ولم ينس ِ اختلاف الأزمنة وتغير
الظروف يوم الطف ، وليتصور أي منصف قيمة يوم واحد في كربلاء هزم جميع
الايام الاخرى وحقيقته سرت في كل عاقل على اختلاف المذاهب والاعراق وأثرت فكرته
المكتبة البشرية بالمثال الحيوي للإنسانية لاشك ان هذا الثائر وقف
ليعالج مجموعة من الأمراض في الأمة العربية والإسلامية أهمها:
1. مرض الشك والريبة بالمصلحين وأهل الفكر ..
2. الخوف المتأصل في النفوس من شخصية الحاكم ووضوح صفة التبعية في شخصية المحكومين ..
3. عدم
التناسب بين الإقبال على وتطبيق الإسلام والعمل به كواقع للمسلمين وبين
الخوض في الإسلام من باب الشعارات والإيمان الكلامي والتعمق في النظرية
المجردة ..
4. الافتقار
الشديد الى الثقة بالنفس فالأمة كانت مستعدة للانهزام أمام أفراد يحملون
عزما وسلاحا بسيطا رغم كثرة هذه الأمة وقلة تلك الجماعة ..
حينما
قرر الحسين الثائر الهجرة من الحجاز متجها إلى العراق إلى ميدان الثورة
الاولى الثورة التي ارتبطت بزمن الطف ومكانه التاريخي ، يريد إسقاط العرش
الأموي أولا كمثال يرمز للباطل أو للسلطة الجائرة كان يتلقى من كل صوب وحدب
النصائح من عقلاء المسلمين أو من يسمون يومئذ بعقلاء المسلمين الذين
يؤثرون التعقل على التهور ..كيف يعقل ان هؤلاء العقلاء أجمعت كلمتهم على ان
هذا التصرف من الإمام الحسين ليس تصرفا طبيعيا كانوا يخوفونه بالموت كانوا
يقولون له : كيف تثور على بني أمية وبنو أمية بيدهم السلطان والرجال
والمال وكل وسائل الإغراء والترغيب والترهيب ؟ كانت بني امية امبراطورية من
المستبعد حتى لدى العقلاء ان تلويها كفُ القيم والمعنويات وتسقطها كلمة
الاسلام التي جاء بها الحسين آنذاك ، في صراعه مع بني أمية كانوا يمنونه
السلامة كانوا لا يتصورون أن التضحية يمكن ان تكون بديلا لحياة بالإمكان
الاحتفاظ بها وبالخصوص لعربي مرموق في العلم والنسب والوجاهة كالحسين هذه
النصائح لم يتلقها هذا الثائر من رعاع أو من عوام وإنما تلقاها من سادة
المسلمين من الأشخاص الذين كان بيدهم الحل والعقد في المجتمع الإسلامي
تلقاها من أشخاص من قبيل عبد الله بن عباس ,
وعبد
الله ابن عمر بن الخطاب وعبد الله بن جعفر الطيار ومن قبيل أخيه محمد بن
علي ابن ابي طالب ومن قبيل غيرهم من سادة الرأي في المجتمع الإسلامي حتى ان
عبد الله بن جعفر الذي هو ابن عمه _ ابن أخي علي ابن أبي طالب _ بالرغم من
ارتباطه النسبي الوثيق بالخط كان منهارا نفسيا إلى الدرجة التي أرسل فيها
رسالة إلى الإمام الحسين حينما سمع بعزمه على سرعة الخروج من مكة : ان
انتظر حتى الحق بك وماذا كان يريد من هذا الانتظار ؟ الإمام الحسين لم
ينتظره فحينما وصل عبد الله بن جعفر إلى مكة كان الإمام الشهيد قد خرج منها
فذهب عبد الله بن جعفر رأسا إلى والي بني أمية في مكة واخذ منه كتاب
الأمان للحسين وذهب بالكتاب إلى الحسين وهو يرى انه قد استطاع بهذا ان يقضي
على كل مبررات خروج الحسين لماذا يخرج الحسين من مكة ؟ لأنه خائف فيها وقد
جاء الأمان له من سلاطين بني أمية. هذه النصائح كانت تعبر عن نوع من
الانهيار النفسي الكامل الذي شمل زعماء وسادة المسلمين فضلا عن الجماهير
التي كانت تعيش هذا الانهيار مضاعفا في أخلاقها وسلوكها وأطماعها ورغباتها
هذه السلبية والبرود المطلق الذي كان يواجهه الإمام الحسين أو تواجهه حركة
الإمام الحسين بالرغم من قوة المثيرات هذا البرود المطلق في لحظات ترقب
العطاء الحقيقي كان يعبر عن ذلك الانهيار النفسي على مختلف المستويات .
روي :
إن الامام الحسين عليه السلام لمّا عزم على الخروج إلى العراق قام
خطيباً فقال : «الحمد لله، وما شاء الله، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله،
وصلَّى الله على رسوله وسلّم. خُطَّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على
جيد الفتاة. وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع
أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي يقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا،
فيملأن منّي أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم، رضى
الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفّينا اُجور الصابري .«ان
الموت الذي يطلب الخلائق قسرا طلبه الحسين مختارا وبزيادة من الشوق
والوله وهذا تعبير في غاية التصوير لشدة الحب للاخرة ولكن أي اخرة ! ! انها
اخر يوم مع النفسية العربية الانهزامية أمام أدنى المواجهات كما أنها آخر
عهد مع المجتمع الاسلامي الفارغ من أي مضمون ممكن ان يمثل ولو بجزء يسير
ذلك الكيان الإسلامي العظيم ، لقد شاهد الحسين كيف ان السياسة افسدت الدين
؟!! ولذلك حارب مثل هذا الدين المسيس.. حارب يزيد وهو خليفة رسول الله في
نظر دول وحكومات ، جابه هذا الامام الثائر ثلاثة لازالوا امامه الى الآن
..!! الفتاوى الجاهزة من فقيه يحلل ويحرم آليا مع السلطة وحركة السياسة
الالتوائية !!العدو الاخر هو الإعلام العجيب !! فضائيات مختزلة في خيال
وأوهام من عاشوا مع الحسين لقد صوروه خارجيا !! لقد جعل هذا الاعلام البعض
يرقص ويغني في بلاد الشام لا لشيء إلا لئن هناك رمز ديني علمي ثقافي رجل
صاحب نسب وحسب انسان كريم محترم قتله يزيد !! يقال ان راس الحسين كان يتكلم
بعد مقتله وبعد حزه عن جسده ومع ذلك لم يقنع ذلك من كان يرقص ويغني !!
الاعلام لازال يصور الحسين قضية فقهيه بائسة انتجت فقيه مخطأ كـ يزيد وضحية
لهذه النيران الصديقة هو الحسين بن علي ابن ابي طالب سبط نبي الامة !!واما
العدو الثالث الذي قاتل الحسين ولازال إنها الأمة التي تعيش مع عظمائها
كالحسين !! كما تعيش هذه الامة ذاتها مع الله الخالق في عبادتها وافكارها
وتصوراتها في خداعها وقصوها وتقصيرها في لعب الشيطان في عقولها باتجاه
الذنب والاثم والجريمة مع الله فكيف بالحسين ... لقد أوشكت حكومة يزيد
أن تمحو الإسلام وتضيع جهود النبي ( ص ) المضنية وجهود مسلمي صدر الإسلام
ودماء الشهداء، وتلقي بها في زاوية النسيان، وتعمل ما من شأنه أن يضيع كل
ذلك سدى لولا ثورة الحسين ودمائه واهل بيته التي اعادت للاسلام هيبته
ووقاره وثبتت ثقة الناس بأسلامهم وبنبيهم ولو نوعيا لا كميا وعرفتهم قضية
شهادة هذا الثائر ... ان الحسين اعز مخلوق على وجه الارض عند رسول الله ص
وجزء لايتجزء من كيانه الشريف لم يبخل به على الاسلام حين نادى هذا الدين
بصوت مبحوح من من من ينقذ الدين ..
الحلقة 2
ان مقتل الحسين الشهيد في كربلاء مثل خسارة لاتعوض للعرب الذين عرفوا
بالنفس القومي والحسين من سادات العرب ومن اوضحهم نسبا وابلغهم منقبة
وخسارة للمسلمين لانه امام مفترض الطاعة ومن المعصومين عند الشيعة ومن
الصحابة المرضي عنهم عند جميع المذاهب الاسلامية الاربعة ومكسب وديني سياسي
للديانتين السائدتين في الغرب إبان الثورة الحسينية "اليهودية والمسيحية"
اذ مثل الحسين عقبة كؤود لايستهان بها امام علمنة البلاد الاسلامية وجعل
الخلافة سلطة حاكمة بالمعطيات السياسية بدلا من الدستور الذي لامحيص عنه في
النظام الاسلامي "القران والسنة النبوية" واقصر الطرق الى طمس طموحات
النبي (ص) الذي كان لايؤمن بنظرية فصل الدين عن السياسة بل يعتبره انتهاكا
لايبرر في شريعة يحكمها القران ذلك الكتاب الجامع الذي لاياتيه الباطل من
بين يديه ولامن خلفه هذه العبارة تترجم للمسيحية واليهودية أو الدولة
الفارسية بهذا التعبير" إن هذا الدين قادر على إدارة الحكم والعمل السياسي
كما هو قادر على التشريع للعبادات وكيفية الصلاة "بنفس المستوى من الدقة
والصوابية.. لم يكن متاحا لاوربا السيطرة على نقاط الضعف في مجتمع الدعوة
الاولى للنبي ص بل لم يكن حتى بمقدور عملائهم العرب _القريبين من محيط
النبي ص _ مزدوجي العمالة بين اسيادهم من ملاْ قريش المعادين لدعوة النبي ص
وبين الدولة الرومية والفارسية واتصالاتهم الخفية بكبار الاحبار اليهود
الذين يحاولون معرفة حركة النبي واهدافه المبطنة أي ماذا سيكون مصيرهم ؟
ماذا يخبئ لهم النبي ص من أحداث مفاجئة؟ لانهم ينظرون الى قضية الوحي _
باعتقادي _ بالتشكيك ويؤمنون بنظرية الاختراق الاستخباري للمسلمين
فالمعلومات التي لدى النبي ص نتيجة لشبكة من المخبرين لديه في دواخلهم
..لذلك كان ظهور يزيد بن معاوية بمثابة المنقذ لهذا الاختناق الدولي بفعل
الرسالة المحمدية وثقلها الديني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وبالازاء
كان يقف الحسين بمنزلة المضيع للفرصة الخالدة لحركة الاديان والحكومات
والسياسات المتضررة من واقع الدعوة الاسلامية وتداعيات ظهور الإسلام علنيا
كدين رسمي على مستوى العالم وما ترتب على هذا الاعلان من احتقان عالمي
ينفَّس عنه مرة بالحروب الخاسرة أو بالتصريحات المحبطة واصبح الحل ومفتاح
الفرج هو في شخصية يزيد بن معاوية وكذلك اصبح الحسين العدو المتميز بكل
المقايس الدولية وان لم يصرحوا بذلك علنا ..لقد احس الحسين بهذا الحشد
الدولي لعملية اغتياله وشاهد بعينه الثاقبة استعدادات الدولة الاموية لهذا
الحدث واللافت للنظر ان هذه العملية مهيأ لها على ادق المستويات وملاحظ في
دراستها جميع الاحتمالات ويمكن ادراج هذه الاستعدادت لعملية الاغتيال بثلاث
مشاهد أساسية:
1 . تمييع مجتمع المدينة
المنورة مركز الحسين بمختلف الملذات والملهيات وانتشار الطرب والشعر الماجن
والغواية وانتشار ظاهرة الراقصات وماجلبته الغزوات من نساء الدول التي
دخلت للاسلام كرها فكانت هذه الشريحة من النساء امهات لشريحة من المسلمين
ثم تصور مدى ما يحملون هولاء من ثقافة الجهاد والأمر بالمعروف والتضحية
لاجل الدين والمبدأ وهم تربية تلك الشريحة .
2
. خلفت الحروب في نفوس الكثير من المسلمين الياس من النصر لطول المدة وبدأ
يتسرب الى نفوس البعض الشك في أحقية اهل البيت في هذا الأمر من بني امية
والبعض الاخر اصبح على قناعة بان تلك الحروب ماهي إلا صراع شخصي بين قريش
الهاشمية وقريش الاموية .. وهذا ما فعّل وعمل عليه لاغتيال الحسين ..
3
. الاجيال التي عاصرها الحسين كانت تمر بمرحلة التكوين والنضوج ونتيجة
للفتن والمعارك الداخلية والشقاق في البنية الإسلامية الطرية بعد ، جمدت
وخمد الحراك والنشاط فيها عند هذه المرحلة فأصبحت متوقفة على ما تحصل لها
إن خيرا فخير وان شرا فشر فالمؤمن اخذ يتسلى بروايات ورثها عن النبي ص أو
احد اصحابه ومن كان في عداد المكرهين على الدين أو المنافقين فقد جعلوا من
هذه المرحلة مناخا لاستغلال الجيل الناشئ الفتي_ وهو الذي لم يتشرف برؤية
الرسول أو سماع حديثه _ وتدليس الأحاديث وابتكار الروايات وتصنيع الوقائع
مما تراكم بعدهم من هذا التزييف سيرة متكاملة عانى منها المسلمون ولازالوا
الأمرّين بين تناقضها مع القران والعقل وقبولها لدى المتحجرين من علماء
السماع دون التحقيق وبين نسبتها الى النبي ص وصعوبة نفيها لما تسببه من ضجة
داخلية وخارجية ..!ولذلك كان ظهور الحسين في هذا الوقت ظهورا وحيدا غريبا
في مجتمع الجثث المتحركة والتي فرقها الوحيد عن مجتمع القبور هو اللفظ
والعرف فربما لو قال عنه جماعة بأنهم أموات وعرف عنهم ذلك لأصبحوا كذاك
المجتمع كليا!!!
4 . ورث الحسين من أبيه
علي الكثير من الأحقاد والكثير من النفور الاجتماعي وتركة ثقيلة من الدماء
التي يطلب اولياءها عليا وينتظرون أي فرصة بأولاده الحسن والحسين للاقتصاص
منهم وبمناسبة الحديث عن علي وأحقاد العرب عليه ولمعرفة سبب هذا الحقد
المستمر وببساطة لان عليا مثلَّ السلطة التنفيذية لدعوة النبي ص صعبة
القبول عند اللوبي القريشي وفي ذات الوقت هي حركة في غاية الامتداد والسعة
ولا يمكن لأي زعيم إن يبدو رأسه واضحا منها كما يحبون ذلك، كما أنها مفقرة
لدولة أثرياء مخدرات الدين (الصنم) والمتاجرة بالربا و استعباد الضعفاء ،
فاذا كانوا لايطيقون سماع النبي ص يتحدث بـ هكذا مواضيع كيف يستسهلون
ارغامهم بالسيف القاطع عليها واذلالهم بوضعهم مع عبيدهم سواسية !! اتحدى كل
مؤرخ أو باحث في التاريخ يثبت لي ان غير سيف علي جازف هذه المجازفة مع
مافيات قريش وعصابات القبائل والتي تستحل الدم كما تستحل الماء للظمآن
والطعام لضيوف الرحمن !!
هناك عوامل
أخرى غير الذي ذكرت ولكن هذه من اهمها هي التي افردت الحسين وحيدا مع ذلك
العدو الكبير الممتد من قارة أوربا الى قارة آسيا الى تخوم الجزيرة العربية
والى قلب الشام وانتهاءا بارض السواد !!ان الذي احاط بالحسين صراع إرادات
وحكومات ومصائر دول قامت على قتل الحسين وإلغاء دوره ، من كان يعي ذلك غير
الحسين ويتوقع هذه الهجمة التي مثلتها الألوف واختفت خلفها ملايين من أجناس
مختلفة ولغات عديدة وعروش كبيرة ..من كان ينظر بعين الحسين ليرى انه نصح
الزمرة التي جاءت لحربه وهو يرى غيرها وغيرها الكثير ويرسل بهذه الكلمات
رسائل الى ما وراء شمر وما وراء عمر بن سعد وما وراء عبيد الله بن زياد
والى ابعد من يزيد ومعاوية وغيرهم .. لقد تحدث الحسين ليلة عاشوراء ويومها
بكلام فهمه قيصر وكسرى والكهنة والأحبار والقساوسة والبيادق وعجز عنه العرب
!! نبه الحسين الجيوش الى العمل الفضيع الذي ينتظر العالم في حال أقدموا
على حربه وتنازل عن مقامه الى منزلة زمرة من الاميين وتبعية الأنظمة
الشمولية والذين يتخذهم الحكام ادوات رخيصة لعمل جبار!! ليفهمهم إنهم
يدمرون أجيالهم بأيديهم ولن يضروا الحسين شيئا ، إن من يقدم على ما أقدم
عليه الحسين لا يخاف الموت ولكن مايخافه الحسين هو لعنة التبعية التي ستوصم
بها البلاد العربية _والتي كان يمثلها القبائل ولازالت امتداداتها هي
ذاتها البلدان العربية_ للغرب في حال نجح مشروعهم الامبراطوري هذا ولذلك
حشد في المعركة كل القوى والإمكانيات ولم يكتف الحسين بان يعرض نفسه
للقتل حتى تقول الأجيال التي ربما يتصور بعضها كما اسلفنا انها حرب الحسين
مع يزيد على السلطة ان من يطلب السلطان لا يضحي بنفسه في عدد قليل وفي
معركة غير متكافئة مطلقا بل و يعرض أولاده للقتل وأهله للقتل ونساءه للسبي
أراد ان يجمع على نفسه كل ما يمكن ان يجتمع على إنسان من مصائب وتضحيات
وآلام لان الحسين كان على علم من ان الماكنة الإعلامية ليزيد متكاملة
ودولية وقادرة على تغييب أهدافه فاختار إن تكون أجواء المعركة خالية من
التكافؤ في كل مفاصلها وصعّد من عامل المأساة الى الدرجة القصوى وهو تكليف
خاص بالحسين فقط في ذلك الوقت ورسم خريطة الاسلام مصغرة في ارض كربلاء
واختزل فيها كل تعاليم هذا الدين وأخلاقه وعلومه ومعارفه الى اقصى حد ،
وحمل كل مظاهر الدين في هذا الظرف الصعب والعصيب فالعمامة التي اعتم بها
هي عمامة الرسول ص وحتى السيف سيف رسول الله صلى الله عليه واله هذه
المثيرات التاريخية والعاطفية في المعركة لكي يسد كل منفذ وكل طريق إلى
التعبير عن هزيمتها وعن أي نوع من أنواع الاحتجاج على هذا العمل ولكي يهز
بذلك ضمير ذلك الإنسان المسلم المهزوز الذي تميعت إرادته وهكذا كان قد
استطاع الحسين بهذا التخطيط الدقيق الرائع ان يهز ضمير ذلك الإنسان المسلم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق