الأربعاء، 16 مايو 2012

كتاب " غيبوبة الحجاب " الحلقة الاولى المقدمة



بسم الله الرحمن الرحيم 

كتاب 
" غيبوبة الحجاب "
الحلقة الاولى 

كتبت بقلم الاستاذة " ام علي الموسوي" :التربوية في
مدرسة ام القرى .





الصورة افتراضية وليست للكاتبة 



بسم الله الرحمن الرحيم

الحجاب في مسائل

الحجاب هو صفة المرأة المسلمة ومسؤوليتها كمؤمنة ووظيفتها كإنسانة مكلفة بواجب في العمل اليومي والحيوي  وقد قسمه البعض الى نوعين : ظاهري و باطني :


أما الحجاب الظاهري ، فهو الحجاب الذي أمر الله عز و جل الفتيات و النساء الإلتزام بمواصفاته كساتر للبدن أمام الرجال غير الزوج و المحارم ، و قد أمر به في القرآن الكريم ، و أكدته أحاديث النبي المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) و الأئمة المعصومون ( عليهم السلام ) .
و قد فصَّل الفقهاء المراجع بيان ذلك ، و نحن نُشير الى حدوده بإختصار .
الواجب في إرتداء الحجاب هو ستر الفتاة أو المرأة لكافة أجزاء بدنها ما عدا الوجه و الكفين عن غير الزوج و المحارم ، و لا خصوصية للجلباب في الحجاب إذا حصل الستر بغيره .
نعم يجب أن تتوفر في الساتر ( الحجاب ) الأمور التالية :
1. أن لا يكون مثيراً .
2.أن لا يكون ضيقاً بحيث يُظهر مفاتن البدن .
3.  أن لا يكون رقيقاً بحيث يُرى من خلاله ما يجب ستره .
فإذا إجتمعت الأمور المذكورة في ما يستر البدن كان هذا الساتر حجاباً شرعياً ، حتى لو كان الساتر قميصاً و بنطلوناً واسعين .
و هنا لا بُدَّ أن نذَكِّر بأن ستر القدمين أيضاً واجب من الأجانب ، و لا فرق في ستره بالجورب أو بغيره .
و من الواضح أنه كلما كان الحجاب محتشماً كان أفضل .
و أما الحجاب الباطني : فهو ما أمر الله عز وجل به الفتاة و المرأة كما أمر به الشباب و الرجال أيضاً في القرآن الكريم و أكدته أحاديث نبيه الكريم محمد ( صلى الله عليه و آله ) و الأئمة المعصومون ( عليهم السلام ) .
و المقصود بالحجاب الباطني هو ما يحجب الانسان عن الرذيلة و الفساد و كل ما يسخط الله ، أي العفة و الحشمة و غض البصر ، و الحجاب الباطني هو الحجاب الذي يتعلق بسلوك الفتاة و المرأة ، و كذلك الفتى و الرجل ، و هو الأهم ، حيث أن كل من الحجابين مكمل للآخر ، و لا معنى للحجاب الحقيقي إلا بمراعاتهما معاً .
قال الله عز وجل﴿ ... وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ...   [1] .
و قال جل جلاله﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ   [2] .
و قال عزَّ مِنْ قائل﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا   [3] ..



[1] القران الكريم :    سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 53 ، الصفحة425 .
[2] القران الكريم :    سورة النور ( 24 ) ، الآية : 30 و 31 ، الصفحة353 .
[3] القران الكريم :      سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 59 ، الصفحة426 .

نقلا عن الشيخ صالح الكرباسي والجواب كاملا له على موقعه :  
  
http://www.islam4u.com/almojib_show.php?rid=1239


و حفاظا على مكانة المرأة السامية في الاسلام  من أن تمس بسوء من مرضى القلوب و أشباه الرجال أمرت بالحجاب الذي يمنع من وقوع الرجال في فتنتهن ، و يحفظهن من الأذى المترتب على ذلك . ففي الإسلام يجب على كل امرأة مسلمة أن تلبس الحجاب الشرعي أمام الرجال الأجانب ، و هم جميع الرجال باستثناء المحارم ، و هم :

 1ـ الآباء .

2 ـ الأجداد .
3 ـ آباء الأزواج.
 4 ـ أبناء الأزواج .
5 ـ أبنائهن .
6 ـ الأخوة .
7 ـ أبناء الأخوة.
 8 ـ أبناء الأخوات .
 9ـ الأعمام .
10 ـ الأخوال.
 11 ـ المحارم من الرضاع  . 


شروط الحجاب :

و تحرم بفتوى معظم الفقهاء  مخالفة شروط الحجاب التي اُجمع عليها تقريبا ، و شروط الحجاب الشرعي ثمان  أينما وجد الرجال الأجانب . فبعض النساء يرتدين حجابا شرعيا خارج بيوتهن ، و لكنهن يخالفن بعض هذه الشروط أمام بعض أقاربهن كأبناء أعمامهن ، أو أبناء أخوالهن فيغطين رؤوسهن ، و لكنهن يلبسن لباسا محددا للجسم كالبلوزة مثلا ، فيقعن بذلك في الحرام و الإثم .


ويشترط في الحجاب كما ورد من مصادر التشريع هي :

اولا من أن يكون ساترا لجميع العورة : أجمع أئمة المسلمين كلهم ـ لم يشذ عنهم أحد ـ على أن ما عدا الوجه و الكفين من المرأة داخل في وجوب الستر أمام الأجانب . نبتدأ اولا بالمذهب الجعفري الامامي وهو مما لم يذكره الدكتور الزحيلي  :

1.  الشيعة الامامية : وهو تحريم اظهار بدن المرأة  كله سوى الوجه والكفين لانه عورة  كما يظهر من هذه الروايات عن بيت العصمة :

روي عن الامام الباقر عليه السلام: «لا يصلح للجارية إذا حاضت إلا أن تختمر». (وسائل الشيعة ج2 ص228).

روي عن الامام الصادق عليه السلام: «على الجارية إذا حاضت الصيام والخمار». (الحدائق الناضرة ج7 ص15) هذا والجارية معناها هنا الصبية الصغيرة.

روي عن الامام الصادق عليه السلام انه سئل عما تُظهر المرأة من زينتها؟ فقال: "الوجه والكفين". (وسائل الشيعة ج2 ص202(

روي عن  الامام الكاظم عليه السلام انه سئل عن الجارية التي لم تدرك، متى ينبغي لها أن تغطي رأسها ممن ليس بينها وبينه محرم؟ ومتى يجب عليها أن تقنع رأسها للصلاة؟ فقال عليه السلام: «لا تغطي رأسها حتى تحرم عليها الصلاة». (وسائل الشيعة ج2 ص228) أي أنه ليس واجبا على الصبية أن تغطي رأسها إلا إذا حاضت حيث يحرم عليها حينئذ أداء الصلاة.

روي عن الامام الرضا عليه السلام: (لا تغطي المرأة رأسها من الغلام حتى يبلغ الغلام). (وسائل الشيعة ج2 ص229)

وهناك طائفة أخرى من النصوص تحرّم على الرجل أن ينظر إلى بدن المرأة وشعرها ما عدا الوجه والكفان، ومقتضى ذلك وجوب ستر المرأة بدنها عنه من باب الملازمة الشرعية. من تلك النصوص:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (من اطلع في بيت جاره فنظر إلى عورة رجل أو شعر امرأة أو شيء من جسدها كان حقا على الله أن يدخله النار مع المنافقين) (وسائل الشيعة ج2 ص194).

روي عن الامام الصادق عليه السلام انه سئل عما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ فقال: «الوجه والكفان والقدمان» (وسائل الشيعة ج2 ص201) هذا وحكم القدمين مختلف فيه، وقد أعرض الفقهاء عن استثنائه التزاما بنصوص أخرى لا تستثني سوى الوجه والكفين وقد تقدّم بعضها.

روي عن الامام الرضا عليه السلام انه سئل عن الرجل هل يحل له أن ينظر إلى شعر اخت امرأته؟ فقال عليه السلام: «لا إلا أن تكون من القواعد» أي العجائز. فسُئل ثانية: هل أخت امرأته والغريبة سواء؟ فقال عليه السلام: «نعم» (وسائل الشيعة ج2 ص199)

وأما اراء أئمة المذاهب الاسلامية الاخرى فهي على الاتي :

2. الحنفيةقال ابن عابدين ( المتوفى سنة 1200 هـ ) في كتابه رد المحتار ج 1 / ص 272 : ( تمنع المرأة الشابة ، و تنهى عن كشف الوجه بين الرجال لا لأنه عورة ، بل لخوف الفتنة ، أي : تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها ، فتقع الفتنة لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة ) و قال الزيلعي ( المتوفى سنة 700 هـ ) في كتابه البحر الرائق / كتاب الصلاة :( تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة )وقال الطحطاوي في حاشيته على مراقي الفلاح ص( 131 ) :(و مَنْعُ الشابة من كشفه لخوف الفتنة ،لا لأنه عورة) .


قال الجزيري في كتابه الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 / ص 54 : ( عورة المرأة عند الشافعية و الحنابلة جميع بدنها ، ولا يصح لها أن تكشف أي جزء من جسدها أمام الرجال الأجانب ، إلا إذا دعت لذلك ضرورة كالطبيب المعالج ، و الخاطب للزواج ، و الشهادة أمام القضاء ، و المعاملة في حالة البيع و الشراء ، فيجوز أن تكشف وجهها و كفيها . و عورة المرأة عند الحنفية والمالكية جميع بدن المرأة إلا الوجه و الكفين ، فيباح للمرأة أن تكشف وجهها و كفيها في الطرقات ، و أمام الرجال الأجانب . و لكنهم قيدوا هذه الإباحة بشرط أمن الفتنة . أما إذا كان كشف الوجه و اليدين يثير الفتنة لجمالها الطبيعي، أو لما فيهما من الزينة كالأصباغ و المساحيق التي توضع عادة للتجمل أنواع الحلي فإنه يجب سترهما ) . و كذا ورد في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ج 1 / ص 585 .أما تفصيل أقوال الفقهاء فهي كالتالي مبتدئا

2. المالكيةقال الدسوقي ( المتوفى سنة 1230 هـ ) في حاشيته على الشرح الكبير للدردير ج 1 / ص 200 :(يجب ستر وجه المرأة و يديها إذا خيفت الفتنة بكشفها )وقال الدردير ( المتوفى سنة 1201 هـ ) في كتابه الشرح الصغير/باب الصلاة :( عورة المرأة مع رجل أجنبي منها أي : ليس بمحرم لها جميع البدن غير الوجه و الكفين ، و أما هما فليسا بعورة ، و إن وجب عليه سترهما لخوف الفتنة ) .و قال محمد الخطاب ( المتوفى سنة 954 هـ ) في مواهب الجليل شرح مختصر خليل /كتاب الصلاة :(إن خشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه و الكفين ) و قال القرطبي في تفسيره:ج 12 / ص 229: قال ابن خويز منداد ـ و هو من علماء المالكية ـ: المرأة إذا كانت جميلة ،و خيف من وجهها وكفيها الفتنة ،فعليها ستر ذلك



3.  الشافعيةقال الباجوري في حاشيته ج 1 / ص 141 :(عورة المرأة جميع بدنها عند الرجال الأجانب) و في تحفة الحبيب (عورة المرأة بحضرة الأجانب جميع بدنها ) وقال الشرواني في حاشيته على تحفة المحتاج/ باب شروط الصلاة :(عورة المرأة بالنسبة لنظر الأجانب جميع بدنها حتى الوجه و الكفين)

4ـ الحنابلةقال البُهوتي في كتاب كشاف القناع / باب الصلاة : ( و الكفان و الوجه من المرأة البالغة عورة خارج الصلاة ) و قال المرداوي في كتابه الإنصاف : ( المرأة كلها عورة حتى ظفرها ) ، وكذا ورد في كتاب المبدع شرح المقنع لإبراهيم بن مفلح المقدسي / كتاب الصلاة . و جاء في كشف المخدرات شرح أخصر المختصرات: ( كل المرأة البالغة عورة حتى ظفرها و شعرها مطلقا ، إلا وجهها في الصلاة (.

الثاني  من شروط الحجاب الشرعي هو ألا يكون زينة في نفسه، أو مبهرجا ذا ألوان جذابة تلفت الأنظار، لقوله تعالى:{ و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } [ النور :31 ] و معنى {ما ظهر منها} أي بدون قصد ولا تعمد ،فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز إبداؤه ،و لا يسمى حجابا ،لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب.فأين هذا الشرط مما تفعله المتحجبات المتبرجات بأنفسهن ؟ .

الثالث من شروط الحجاب أن يكون سميكا لا يشف ما تحته من الجسم ، لأن الغرض من الحجاب الستر ، فإن لم يكن ساترا لا يسمى حجابا لأن لا يمنع الرؤية ، و لا يحجب النظر ، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ، و لا يجدن ريحها ..) كتاب حياة الحيوان للعلامة الدميري في فصل الباء (باب البخت)
 شرح الحديث  : كاسيات عاريات ( أي :كاسيات في الصورة عاريات في الحقيقة لأنهن يلبس ملابس لا تستر جسدا ، و لا تخفي عورة . و الغرض من اللباس الستر ، فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عاريا . و معنى ( مميلات مائلات ) : مميلات لقلوب الرجال مائلات مشيتهن يتبخترن بقصد الفتنة والإغراء .و معنى (كأسنمة البخت : الأسنمة جمع سنام، والبخت الإبل، والعجاف التي ذهب سمنها.) وسائل الشيعة الحر العاملي : ج3 ص 59. أي : يصففن شعورهن فوق رؤوسهن حتى تصبح مثل سنام الجمل،وهذا من معجزاته صلى الله عليه واله  سلم .
وقد روي مثل هذا الحديث عن الامام امير المؤمنين عليه السلام : وقال الامام علي عليه السلام: تكون النسوة كاشفات عاريات، متبرجات، من الدين خارجات، داخلات في الفتن، مائلات الى الشهوات، مسرعات الى اللذات، مستحلات للمحرمات، في جهنم خالدات.( منتخب الأثر: 426.)



الرابع من شروط الحجاب أن يكون فضفاضا غير ضيق ولا يجسم بدن المرأة ولا يظهر أماكن الفتنة في الجسم ...
الخامس من شروط الحجاب  ألا يكون الثوب فيه تشبه بالرجال ، أو مما يلبسه الرجال ،أي المتشبهات بالرجال في أزيائهن و أشكالهن ، كبعض نساء هذا الزمان .
 هذه مجموعة من الشروط الواجب توفرها في حجاب المراة المسلمة مع عرض لاراء المذاهب الاسلامية .وفيما يلي مسائل عصرية في الحجاب السائد :
كلام في حجاب اليوم
آراء في لبس البنطلون او المانتو :
هذا الزي دخيل على الادب والموروث الشرقي بوصفه الحالي وجذوره كانت ايضا لحضارات دخيلة على قيمنا وافكارنا وعند الفحص وجدنا ان هناك  نسبة 15 % ترى بأنه لباس غير مناسب لبناتنا وانه وافد على مجتمعنا وتذكر النساء في هذه النسبة بأنه اي البنطلون سواء كان طويلا ام قصيرا فأنه غير راجح في مجتمعنا العربي المحافظ .
و5%من هذه النسبة المذكورة تفسر بان هذا المانتو كان مرحلة اولى لتطبيق مشروع  اكبر منه بدأت تظهر ملامحه جلية آلا وهي تمييع الحجاب الشرعي بالتدريج فادخل المانتو للنساء وجعل ارتدائه امر طبيعي  والذي كان والى فترة ليست بالبعيدة يمثل منظره شيئا غير مألوف ومن موجبات الخجل والعيب الذي يلحق بمن ترتديه..
ألاّ أن هناك خطوه مهدت لما نراه اليوم فالحاله بدأت بالنطلون  تحت العبائه الاسلاميه(الجبه) ثم تطور الاسلوب الى ان قصرت الجبه بشكل جديد يطلق عليه اسم (المانتو) ثم اخذت هذه القطعة العليا تقصر شيئا فشيئا الى ان اصبحت عبارة عن قميص قصير وضيق وهي النتيجة المأمولة والتي تحققت بنجاح كبير وبفترة قصيرة
 وما نراه اليوم من النساء اللابسات العاريات ماهي إلاّ ثمرة هذا التعويد وأصبحت الملابس هي التي  تظهر مفاتن المرأة بدلا من سترها ويقع العتب كثيرا على جهتين:
الاولى منهما:- الام التي تختار تلك الملابس لابنتها وتشجعها على ارتدائها وتتباها بها عند اصطحابها وهي ترتدي تلك الملابس الفاضحة !!
ثانيا:- الرجال القوامون على النساء  بنص القران نتسائل اين ذهبت هذه القيومية التي ليس لها اي أثر في ايامنا هذه بل نجدها  موجودة عند المرأة فأصبحت هي التي تمتلك القيومية على الرجال ياترى هل انتبهنا لأنفسنا  بأننا غيرنا حتى لقران فهذا الحكم في القران شيئ وفي عرفنا شيئ آخر
فالنساء قوامات على الرجال برجحان رأيهن عليهم وقد لايعترض الاب او الاخ على لبس ابنته او اخته لانه يرى  ضرورة  مواكبة التطور0
اما النسبة المتبقية وهي85%فأنها تبرر لبسها للمانتو بأنه اكثر ستر للمرأه من التنوره وغيرها بحجة ستر البنطلون للساقين مع غض النظر عن كونه قد اشهرها اكثر مما سترها واصبحت فيه المرأة كالنعامة التي تدس رأسها في التراب وتمام جسمها امام الناظرين خارجا !! وتذهب هذه النسبة ايضا بان الزمن قد تطور ولابد من التطور معه .
س2/ هل توجد المرأة القدوة في المجتمع النسوي
الجواب/ بصورة عامة نعم توجد لكنها تعد "بأصابع اليد " هذا من جهة ومن جهة اخرى وهي الطامة الكبرى النسبة الاكبر من النساء لاتهتم لهذا الامر وذلك لسببين:
السبب الاول:- عدم الاهتمام اصلا بالأمور التي تكون المرأة قدوة فيها كا لحشمة والعبادة والطاعة الزوجية والام المثالية فكل هذه المواضيع تعتبر غير مهمة لدى 80% من النساء0فاذا عد هذا الامر غير مهم فكيف تبحث المرأة عن قدوة لها في هذه المجالات
ثانيا:- وجود مايسمى بالشعور بالغيرة وعدم الاعتراف بتميز بعض النساء في المجالات التي ذكرناها0 وهذ ماجعل المرأة متخلفة علميا(لا نعني ماتحصل عليه المرأة من المستوى الدراسي) بل متخلفة في مدى علمها  بضرورة الحصول على العناصر المهمة  لتكامل شخصيتها وتحقيق التميز ولو في بعض المجالات المذكورة  فاالمرأة امامها مجالات متعددة فهي (امة) من إماء الله عز وجل في العبادة ثم (مدبرة) مسؤولة عن ادارة شؤون منزلها وعائلتها (ومعلمة) في تربية ابنائها و(زوجة) طائعة وعون لزوجها لاتمام مسيرة الحياة المتعبة0
نجد20% ممن تبحث عمن تكون لها قدوة صالحة ومميزة دينيا وعلميا وقدرا وخلقا وتبحث عنها سواء في طيات كتب التاريخ  او في النساء المعاصرات لها وتكون هذه النسبة غالبا من  النساء المتدينات  التي تحاول ان تكسب دينها تمهيدا لكسب اخرتها فتوجد نساء في مجالات مختلفة من الحياة يمكن ام تؤخذ قدوة ليس فقط للنساء بل للرجال ايضا 
فتجدها تتميز باالدين والورع والشخصية المتوازنة والمديرة الجيدة سواء في عملها او في منزلها  لذا تكون تكون مسؤلية المرأة اوسع من دائرة  مسؤلية الرجل الذي تنحصر مسؤليته فقط على العمل ومراقبة  الاسرة  في القليل القليل من تفاصيل حياتها
50%من النساء لااهتم لذا الامر فأ فقط احاول ان اكون الافضل في كل شيئ اللبس, الاثاث, نضافة بيتي,  اهتمامي بزوجي ,نظافة اطفالي (وهي بذلك تهتم فقط بالمضاهر الخارجية ولاتنتبه للأمور الدخلية) مثل ماذا يوجد في البيت من اجهزة اتصال اتصال قد يؤثر على اولادها من انترنيت وغيرها وكيف يكون اسلوب تربية ابنائها0 فهل تهتم باامداد الاولاد بالاخلاق الفاضلة والنظيفة كما تهتم بألباسهم الملابس النظيفة0 وهلتهتم بمراعاة زوجها وحفظ كرامة كما تهتم كيف تضع له الاطعمة وتحضير الملابس على الوجه الاكمل
30% تقول بأنها تحاول ان  تكون كبعض نجمات التلفاز مما تتميز به من احدث قصات الشعر واستخدام المكياج ولبس الملابس حتى وان كانت لاتلائم مجتمعنا وحتى طريقة حديثها  وغالبا ماتميز هذه النسبة (طبقة الشابات) الحديثات العهد بالنظر لهذا العالم المزكرش والمغري لكل امرأة لاتكون لها حصانة مدعومة بالعقل او الدين تساعدها في السيطرة على نفسها لذا نرى بناتنا يشكلن جنسيات مختلفة حسب تقليد كل واحدة  منهن النجمة المفضلة لديها فأحدهن تظهر كانها خليجية  في لبسها واخرى كأنها ايرانية  واخرى سورية وهكذا حتى ضاعت شخصية ولباس المراة العراقية (الذي كان الكل يشهد له بأنه استر لباس يحشم المرأة من بقية ألالبسة العربية الاخرى)
س/ ماهو توجه المرأة العربية وبالذات العراقية ؟
 الجواب:- نلاحظ في الفترة الاخيرة ظاهرة كانت موجودة في الاوقات السابقة ولاكن لم يكن يركز عليها  كما يركز عليها الان داخل مجتمع النساء الاوهي وهي ضرورة الزواج المبكر حتى وان  كانت طالبة في المتوسطة او الاعدادية اما التي دخلت عمر الثلاثين  سنة يصبح هاجسها الوحيد هوكيف؟ ومتى اتزوج؟حتى وان كان الزواج المؤمل لاتتوفر فيه  بعض المواصفات المطلوبة
 ونلاحظ حتى وان كان هذا الامر غائب عن فكر الفتاة الا ان كلام الام في البيت والصديقات في المدرسة يضعن موضوع الزواج امام عين الفتاة لذا نلاحظ  طبقة الشابات من النساء  بنسبة80%  بهم واحد  هومتى ادخل القفص الذهبي وبمجرد دخوله تحاول كسر قضبانه بعد ان تعرفت على ملامح هذا القفص, وخاصة صغيرات السن القليلات  الخبرة في هذه الحياة فبعد حلم الزواج الذي عاش معهن فترة والذي ساعد على رسم صورة  واضحة له في الخيال المسلسلات التركية الرومانسية ذات الواقع المبالغ فيه بل نقول توجد بعض المسلسلات فيها ما يفوق الخيال من حيث تصوير الحب أو العلاقة الزوجية التي تبينها في بعض الأحيان على أنها قصة حب لانهاية لها 
فتجد هذه الفتاة  بعد الزواج أنها أدخلت  نفسها في مكان ووضع لم تكن تحلم به بهذه الصور المخالفة لما رسمته ...

 فهي تصطدم بروتين  الحياة الزوجية  وترى صورة عكس ما رسمت لها المسلسلات  المدبلجة التركية منها، والعجيب اني وجدت نساءاً متزوجات وعلى مستوى لابأس به وهي تتأثر بتلك المسلسلات وعلاقة الزوج بزوجته وتقول لماذا لاتكون علاقتي بزوجي هكذا !!!
حتى اصبحت بعض الزوجات تعجب بأبطال المسلسلات اعجاب شديد حتى وان كان ذو شخصية عادية وغير مميزة ثم ننتقل الى المرحلة  الثانية بعد الزواج يكون توجه المرأة (متى استقل ببيت) بعيد عن العم أو العمة وارتاح من المشاكل اليومية مع بقية افراد الاسرة الذين يعيشون معها
فيصبح همها  الوحيد هو الحصول على منزل وقد لاتحصل عليه فتبقى كثيرة الهم  لكثرة التفكير فيه مع مشاكل الاولاد
اما التي تحصل على البيت فتبقى  بالتفكير باالتطور مثلا بيت اكبر او اثاث مميز هذا طموح مشروع ولاكنه عند إهمال النفس  والروح يكون امر غير مشروع فلماذا لا تحاول النساء ان تحقق توازن  بين تحقيق الذات  على مستوى  الوضع الخارجي وعلى النفس الداخلي
فا النفس محتاجة للتطور أيضا لان النفس إذا تطورت استطاعت ان تتجاوز الكثير من العقبات  التي تشكل أزمة باالنسبة للبعض
فكما أغذي البطن بأنواع الأغذية وأغذي الوجه با أنواع الكريم والمكياج مطلوب مني ان أغذي عقلي بمعلمومات مفيدة علمية,دينية,استفادة منها في الدنيا والاخرة0
 لماذا لااخلق توازن بين سيري الدنيوي والاخروي, مع ترجيح الأخير طبعا علما  ان هذه النسبة من النساء تكون منشغلة اشد الانشغال عن تربية الأولاد بالتربية المطلوبة
10%من النساء تجدهن ممن تفكر أولا ببناء  شخصيتها  مثلا  تحصل على شهادة ومكان عمل جيد يلائم طبيعتها وضروفها ثم تفكر بالزواج بعقل وبدون تصور فتضع في ذهنها بعض المواصفات المطلوبة ,فان توفرت  فهذا أمر جيد  وان لم تتوفر كلها يمكن التنازل عن البعض مع وجود التقارب الفكري والعلمي
10%يكون همهن السير على الصراط المستقيم وهذه النسبة مقسومة كما يأتي
(1) 5% من النساء العجائز التي تعمل في أخر أيامها على تصليح مافات وهذا جيد
(2) 5% من الشابات التي وجدت بعضهن تفضل رضا الله عزوجل  قبل كل شيئ وقد اعجبتني احدهن عندما سألتها ماهي  أمنية حياتك حياتك علما انها غير متزوجة  وقد دخلت في سن37 سنة فقالت وبسرعة :-أريد ان يرضى عني ربي0 وقد عاشرت من هذه النماذج ونسبتها  قليلة من غير المتزوجات2% أما من المتزوجات نسبتها 3% التي تحاول بكل طريقة ان ترضي ربها فيكون توجهها وسيرها في خطين  متوازيين الأول رضا الله والثني اكمال حياتها واستكمال الخصال والصفات النبيلة التي فيها سلامة الدارين0
رابعا:- ماهو تاثير التلفاز على المرأة:-
يكون لبرامج التلفاز الاثر البليغ على المراة وذلك بسبب طبيعتها كونها كتلة من العاطفة فهي تتأثر بكل ماتشاهده0
ولاكن على الرغم من تنو ع القنوات الفضائية  ووجود العديد من القنوات المميزة التي تنشر الدين والفضيلة  والقيم الأخلاقية والمعارف المفيدة لكل من المرأة والرجل نجد إن التوجه لهذه القنوات يكون نادرا جدا ويقتصر على مواسم معينة مثلا شهر محرم وصفر ولوجود المناسبة المؤلمة فيها0اما بقية الأيام فان اغلب العوائل تتجة لمشاهدة العديد من قنوات الافلام والمسلسلات والبرامج بل حتى قنوات الأغاني بعد انتهاء هذا الموسم مباشرة وكأننا كنا في واجب وانتهى ولا يخفى مايو جد في هذه القنوات من المواضيع الغير خلقية والإباحية  الفاضحة وكيف تهز كيان الأسرة من الداخل بأقوى من الزلازل فهي تعلم الولد على عقوق والديه إذا عارضاه في شيء وضرورة ممارسة الجنس  في وقت مبكر0اما الفتاة فتؤكل لها ضرورة حصولها على حرية شخصية تلبس وتتكلم  وتخرج بحرية بعيدة  عن قيود الابوين وترسم لها العلاقات العاطفية الوردية بأروع صورها0  مع توجيهها بضرورة التخلص من الحجاب والحشمة  شيأ فشيا وما نشاهده في الخارج خير مثال  على تأثر بناتنا  وأولادنا ونساءنا أيضا بالتلفاز  وما يوجد فيه 0 وتعلم الشباب بأنهم يمرون بفترة الشباب التي هي من اجمل فترات العمر والتي من الضروري استغلالها على الوجه الأكمل  بأنواع الانحلال وبذلك  تهدر طاقة الشباب تحت هذه الشعارات الواهية ...
وايضا المتزوجات لهن تاثير ايضا بالمسلسلات كما قلنا في النقطة السابقة وكذلك اصبحت الخيانة الزوجية مشهد يومي وطبيعي !!؟
 فعدم وجود الرقيب على هذا التلفاز داخل المنزل وماهي القنوات التي تناسب إفراد الأسرة  ومع الأسف نرى بعض الإباء أو الأمهات يضعون قناة تعرض احط  راقصة ويجعلون أطفالهم يرقصون عليها وهم لايعلمون بأنهم بهذا العمل يضعون الاساس ضعيف جدا (من ورق) لبناء شخصيات ابناءهم
 هذا هو توجه المرأة وإنا متأكده من النسبة 80% منها نحو القنوات الغير هادفة و20% تكون ذات التزام بمسح القنوات الهابطة والفاسدة والتركيز على القنوات ذات المستوى الجيد دينية ,علمية, اجتماعية, وهذا العمل أكيد تقوم به كل إنسانة ذات عقل ودين  وتؤدي مسؤليتها  بأمانة اتجاه ابنائهالانه كما  يقولون (الصاحب ساحب)
فالتلفاز هو مصاحب لاغلب الافراد وخاصة النساء التي تقضي معظم وقتهن في البيت 
وكما يقال من استمع الى ناطق فقد عبده فان كان  ناطق عن الرحمن عبد الرحمن وان كان ناطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان

فماذا يرجى من عبدة الشيطان
                                        والحمد لله رب العالمين
                                                 21/4/2012


الجمعة، 11 مايو 2012

بحوث فكرية : البحث الاول : ميكيافلي بلا قيم


ميكيافلي بلا قيم

اثير الخاقاني
مقدمة البحث
صدر عن مركز الجنوب للدراسات والتخطيط الاستراتيجي ترجمة لمجموعة من المقالات والدراسات في كتاب من القطع الصغير بعنوان (ميكيافيلي  مؤمنا ) وقد تميز بلغة واحدة واتجاه أحادي الجانب فالذي يطالع في ثنايا هذا الكتاب يلاحظ منهجا واحدا يعكسه مقالات وكتابات لتوني  بلير ومن معه  من باحثين وساسة يصدرون قيمهم وآرائهم نظرتهم ومشورتهم وهذا قد يخالف المنهج العلمي الذي يقف على مسافة واحدة من الرأي والرأي الآخر ،  وعلى هذا ومن قبيل توسيع دائرة البحث وشفافية العرض وشخصيات وأعزاء حررت  هذا البحث لتوضيح ما ورد في الكتاب - ميكيافيلي مؤمنا -  تكون بمثابة المتابع والمحقق لبعض الآراء وكذلك  للتخفيف من حدة الفكر المترجم على  عقائدنا وثقافتنا فقد بات العقل الغربي بإنتاجه الموجه يتحكم بالتاريخ بإمساكه بالحاضر ونفوذه الى الماضي ايجابا وسلبا، بعد أن بات يتلاعب بالمعرفة التي يصفها فرنسيس بيكون بأنها في حد ذاتها قوة (سلطة)، وهذه هي العبارة ذاتها التي يضعها ألفن توفلر على صدر كتابه (تحول السلطة). وكما يشيد الكاتب الصحفي ستيوارت آلسوب، المعرفة هي القوة والقوة أغلى سلعة في الحكومة، ولهذا فإن كل من يعرف الأسرار يهيمن على المعرفة وبالتالي يمتلك زمام القوة. فالتراث العربي والإسلامي مع نظريات الحداثة وتحولات السلطة وتفاعلات العولمة اصبح التراث واقع انتقائي يؤخذ منه ماوافق الحاضر بمتبنياته العائمة على الذراع التكنولوجي ويرد منه مالم ينسجم معها والأكثر من ذلك يسحق وهو في حاضنته (الماضي ) وانطلاقا من هذه التحديات في ايجاز شديد حاولنا متابعة الفكر الوافد والرد عليه بما امكن والباب مفتوح للباحثين لحفظ تراثهم وفكرهم وعقائدهم من هذا التوجيه الفكري والثقافي كما وانها فرصة للاطلاع على فكر جديد فيه من الجهة الأخرى مزايا ومعالم تنفع في عملية التنمية والتقدم ، واستكشاف هوية الأسس المعرفية لهذا الجزء المتطور من العالم .
  
مع المترجم :
الترجمة هي الخطة الأولى لأي نهضة او ثورة او عملية تغيير بصورة عامة لانها تعني تحريك الواقع الحالي الساكن الراضي بما لديه بمفاهيم وأفكار وواقع جديد عليه ، فيحدث من جراء ذلك صراعا بين المفاهيم والأفكار على أي واقع تحط بعد صراعها ومن البديهي أن حامل راية النصر من هذا الصراع هو من يملك ارض الواقع ، ويعلي من شان مضمونه وهذا بالضبط ما ينطبق على الحال التي عليها المجتمع العراقي كعينة من العالم العربي والإسلامي ، فالقيم الغربية عندما تترجم إلينا كمقالات ودراسات وروايات وقصص ونحو ذلك تعمل بقاعدة الصراع مع تراث المجتمع المضيف وهنا يبدو دور المترجم فاعلا في مسالتين أساسيتين هما :
•1.  الترجمة الأمينة للنص ما امكن لأنها تخضع بعد الترجمة للنقد وعندها فأي ترجمة لا تمثل رأي كاتبها بشكل واضح تسبب لبس وإبهام للطرفين للكاتب والناقد أي مشكل بين كاتب غربي  وناقد شرقي .
•2.  التصرف المخل في صياغة الكتاب او البحث او الدراسة او المقال وهذا التصرف يعرف من خلال التعدي على إرادة الكاتب في أي محل من النص ، وهذا ما وقع فيه المترجم حينما صاغ عنوانا قد لا يرتضيه بعض الباحثين في الكتاب فميكيافلي مؤمنا كما سيأتي تحليل الموضوع يفهم منه اكثر من مغزى ومن الطبيعي ان هذا التصرف يحتاج الى حضور من الكاتب مرة لإعطاء الإذن ومرة لتعليل هذا العنوان .  
  
لقد وقع المترجم في صياغة العنوان مع المراد البلاغي من اللفظ - أي الحقيقة والمجاز -   ومن جانب آخر اصطدم بالإسلام السياسي إشارة ومع دور الدين المسيس في الغرب بالتصريح  وهو اجتهاد مردود من وجهين :
الوجه الأول :اذا كان العنوان وصفا حقيقيا فانه لايصح اطلاقه لان ميكيافيلي لم يعر في كتابه الأمير وهو النموذج الجامع لأفكاره في الحقل السياسي وتربية الحكام والملوك للفضيلة أي اهتمام بل دمر أي قيمة لها بقانونه الشهير (الغاية تبرر الوسيلة ) .
الوجه الثاني : أما اذا كان هذا العنوان (ميكيافيلي مؤمنا ) مجازيا وجاء تهكما وسخرية بالإسلام السياسي او التسييس الديني بصورة عامة سواء ماكان منه في الغرب في القرون الوسطى او مع الظهور الجديد في امريكا عند المحافظين الجدد (الصقور ) او ما يمكن ان يلقي بظلاله على الواقع العربي والإسلامي فليس له محل عند ميكيافيلي لانه راسم سياسة فصل الفضائل عن الحكم والحاكم ومنه يشتق فصل الدين عن السياسة والرغبات عن المصالح والقناعات عن التجارب وهكذا  .
وعلى كلا الوجهين فالعنوان لا ينطق عن الكتاب كليا إلاّ من جوانب ثانوية وعلى هذا الأساس يأتي تعميمه تصرفا شخصيا من المترجم ، لانه - أي الكتاب - عبارة عن مجموعة من المقالات والدراسات أهمها دراسة لتوني بلير تتناول تصدير  القيم الغربية (الكونية على حد قوله ) للواقع العربي والإسلامي إذ الأفكار الواردة لا تشمل الإسلاميين او الحركة الإسلامية لانها لم تبنِ دولة ، او تقيم حكومة وماحدث في إيران تجربة واحدة في واقع وظرف استثنائي قياسا بعشرات الدول الإسلامية والعربية التي ترفع العلمانية كنظام تحكم به او حكم علماني مبطن  فإننا نجد ان ميكيافيلي ليس مؤمنا بل كان في محيطه ومبدئه يتحرك في نظمه التي شرعها قبل قرون كما ان المراكز الإسلامية الأساسية لحد الآن غير قادرة على تبنى نظرية حكم حقيقية بل كل ما نراه حركات وأفكار لم تصل الى حيز التطبيق فهذه مصر التي تحتضن أعظم مؤسسة إسلامية (الأزهر ) سايرت الدستور المصري والحكم القائم ، وهو علماني وهناك الكثير من الدول على هذا المنوال ، فضلا عن الدول الغربية التي فصلت الدين عن الدولة منذ قرن وأكثر  من الزمن  فصلا قاطعا لا رجعة فيه ،  فمن أين جاء المترجم لميكيافليي بالإيمان والايمان سيد الفضائل  ومبادئ العلمانية والذرائعية لازالت قائمة حية قوية تدرّس في الجامعات والمعاهد وفي أنظمة الحكم كافة ! اعتقد ان هذا العنوان كان من الجهود الدعائية ليس أكثر المندرجة ضمن سياسة إقصاء كل مسمى يرتبط من قريب او بعيد بإتاحة الفرصة للمسلم الحركي أن يبدي رأيه او يتقلد حقه في العملية السياسية الى جانب العلماني بل عليه أن يعيش القلق والخوف حتى لو كانت الديمقراطية تتيح له ضمن صناديق الاقتراع وتعاطف جمهوره معه ان ينال نصيبه واستحقاقه الانتخابي في الحكومة وإدارة الدولة مع شركاء وفرقاء !! اليس ميكيافيلي حينئذ ظالما وبلا قيم ؟؟!
  
  
  
حروب القيم والمواريث
 كما ان هذا الكتاب - المؤلف من مجموعة من المقالات والدراسات لباحثين وساسة أبرزهم  توني بلير رئيس وزراء المملكة المتحدة البريطانية  والذي لا يخفى على القارئ في الشرق الأوسط  معالم هذه الشخصية وأفكارها ولو في المجال السياسي الذي برع فيه -  تناول مواضيع مختلفة تصب في هدف محدد مرسوم سلفا في الذهن الغربي الذي بدأ بعملية مزج وتأليف الإحداث الماضية والموروث الشعبي لشعوب الشرق العالم العربي والإسلامي  في قالب يتجسد في النهاية بملامح طالبانية وبلحى طويلة تمتد الى ضرب برجي التجارة العالمي . وعند التدقيق في سلة المواضيع نجدها تحمل مخزونا عقائديا مسيس باتجاهات تحتوي الواقع الشرقي واصفة إياه بكل طريقة بانه الطرف الفاشل في النتيجة، والسبب في كل هذه الأخطاء الجارية حتى في سياساتهم ، وانهم أي العرب والمسلمين مناطق أخطأت الطبيعة في توزيعها فحبتهم بمصادر الطاقة دون ان يعرفوا كيف يوقدون منها نارا للتدفئة في الشتاء وإنهم وإنهم ... ولك ان تلاحظ - كمطلع اوباحث - عناوين المقالات والدراسات فقيمنا وقيمهم لتوني بلير ركزت على مسالة أساسية  وهي  جذور التطرف فكتب بلير أفكاره فقال : استجابتنا لهجمات 11 سبتمبر قد أثبتت أنها هامة جدا حتى أكثر مما بدت في وقتها . ذلك اننا كان يمكن أن نختار الأمن كأرض للمعركة . لكننا لم نفعل . اخترنا القيم . قلنا اننا لا نريد طالبان أخرى وصدام حسين أخر . كنا نعلم انه لا يمكنك أن تهزم الأيدلوجية المتعصبة فقط بسجن أو قتل قادتها ، عليك أن تهزم أفكارها ... من وجهة نظري ، الموقف الذي نواجهه هو حرب حقيقية ، لكن من نوع غير تقليدي تماما ، ولا يمكن الانتصار فيها بطريقة تقليدية . لن نكسب المعركة ضد التطرف الكوني ما لم يكن فوزنا في حقل القيم مساوي لانتصارنا في ميدان القوة . نستطيع الفوز فقط بإظهار ان قيمنا هي أقوى ، وأفضل ، وأكثر عدالة من البديل . وذلك يعني كذلك أن نظهر للعالم بأننا غير متحيزين وعادلين في تطبيقنا لتلك القيم . سوف لن نحصل على دعم حقيقي للأعمال القاسية التي قد تكون جوهرية لحماية نمط عيشنا ما لم نهاجم كذلك الفقر الكوني والفساد البيئي والظلم بقوة متساوية . جذور الموجة الراهنة للإرهاب والتطرف الكوني عميقة. فقد غاصت عميقا عبر عقود من العزلة والضحايا والاضطهاد السياسي في العالم العربي والإسلامي  ,رغم ذلك,مثل هذا الإرهاب لم ولن يكون حتميا ..)
ان توني بلير يريد ان يهزم قيم التطرف أولاً ثم يحقق الأمن وهنا نطرح عدة تساؤلات منها من الذي" صنع القاعدة ونظام صدام " وضمن أي قيم صمد هذان كمثالين على اختلاف في مدتيهما ، فبلير ذاته اعترف ان حكومة بلاده خذلت حركة المعارضة لصدام في أعقاب انتكاسة الجيش العراق بانسحابه من الكويت عام 1991على طريق بري مكشوف للطائرات فقد كان مسكينا تحت وابل النيران كما يصفه قائد إحدى أسراب الطائرات  ، ثم من درّب تنظيم القاعدة في ثمانينيات القرن المنصرم في بلاد المغرب العربي الم تكن خليط من أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية ، من الذي وفر لما كان يعرف بالمجاهدين الافغان في المملكة السعودية إبان الاجتياح السوفيتي لأفغانستان المأوى والمال والتنظيم والإعداد ثم طرحهم الى وحدات قتالية في اليمن وباكستان ودول أخرى .. الم تكن حركة التطرف قبل احداث 11 سبتمبر مسكوت عنها بصورة ملفته وتدعو للشك ، كما يعترف بذلك جورج تنت مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية في مذكراته ، وقريبا من توني بلير كان يسكن في بريطانيا ابو حمزة المصري المتهم بالتخطيط وشن العديد من الهجمات في اليمن وافغانستان والمشتبه بعلاقته بالمجموعة التي فجرت المدمرة ( يو اس اس كول )..ثم جاءت أحداث أيلول لترسم جوا انقلابيا على التطرف ، ولكن أي تطرف كانت تقصد ؟ فمع طالبان شملت قائمة الإرهاب النشاط الاسلامي  بشكل عام فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من اجلي سمات النظام الإسلامي تعد وفق قياسات مابعد 11 سبتمبر إرهابا ، وممارسة الوعي الإسلامي وهداية الشباب من الانحراف يمثل تعديا على الحريات الخاصة ، الكتابة في إنصاف الشباب الضائع بين التطرف وتجار السلاح وفقهاء الانترنت يسمى تورط في الإرهاب الدولي ، المشكلة هي في نوع القيم التي يجابه بها السياسي كبلير مثلا مجتمعا له خصوصياته  كالمجتمع العربي والإسلامي الذي تشكلت القيم لديه من القران والسيرة والأعراف والعادات والتقاليد والموروث عموما  ومزيج من الكل شكلا منظومة توجيه عقائدية وثقافية وشعبية في حين يقف السياسي لينشر قيمه المتحركة وفق المصالح ..فيعرب مرة عن ثقة كبيرة بالقران كما ياتي في وصف بلير للقران بقوله (..الشئ الأكثر استثنائية بشان القرآن هو كم هو تقدمي . أنني اكتب بتواضع كبير كفرد من دين أخر . كغريب ، استوقفني القرآن ككتاب إصلاحي ، يحاول إرجاع اليهودية والمسيحية إلى أصولها ، كما حاول المصلحون عمل ذلك بالكنيسة المسيحية بعد قرون . القرآن شامل . انه يمجد العلم والمعرفة ويمقت الخرافة . انه عملي ومتقدم على زمنه بمواقفه تجاه الزواج والمرآة والحكم . تحت هدايته، كان انتشار وهيمنة الإسلام مثيرا على الأراضي التي كانت مسيحية أو وثنية مسبقا . وعبر قرون ، أسس الإسلام إمبراطورية وقاد العالم في الاكتشافات والفنون والثقافة. من المحتمل جد أن يوجد حاملوا لواء التسامح في القرون الوسطى في أراضي المسلمين لا في البلاد المسيحية ...) ان هذا التمجيد للقران سرعان مايختفي عندما تتقابل أحكام القران وأحكام المملكة العظمى في بواكير القرن العشرين حينما حث القران على الجهاد لحفظ الأرض من الاحتلال البريطاني ومن أي احتلال ومن نهب حقوق الآخرين ومن التعالي على الإنسان  بوصفه قيمة عليا في هذه الحياة من حقه تقرير مصيره ، فاستعبدت دولة السيد بلير شبه القارة الهندية وتوسعت أطماعها باتجاه الجزء الآسيوي المتمثل بالعالم العربي الإسلامي فتناصفت هي وفرنسا على تجزئته وتقطيع أوصاله ، وأصبح الصراع مع القران على أوجّ مراحله فهو يدفع بالمظلومين الى الانتصاف من ظالميهم ، والى عبادة الله وحده دون الرجل الأول او المملكة التي لا تغيب الشمس على مستعمراتها بماذا يعبر بلير عن هذا الصراع انظر وتامل (..لكن في بواكير القرن العشرين ، بعد النهضة ، عم الإصلاح والتنوير العالم الغربي ، بينما كان العالم العربي والإسلامي عرضة للشك ، غير مستقر ، وفي وضع دفاعي ، بعض البلدان المسلمة عقدت العزم بثبات باتجاه العلمانية . والبلدان الأخرى أخذتها مشاكل الاستعمار، والوطنية الوليدة والاضطهاد السياسي والراديكالية الدينية ، وبدا المسلمون ينظرون لحالة بلدانهم كمظهر للحال المفجع للإسلام . وأصبحت الراديكالية والسياسيين راديكاليون دينيون والعكس بالعكس . .) انه التنوير والاصلاح مصطلحان يصعب العثور عليهما في القاموس البريطاني عند البلدان المحتلة من قبلهم العراق والخليج ومصر وفلسطين ..كما ان مصطلح العلمانية الذي عقدت العزم عليه بعض البلدان المسلمة بأي معنى يمكن ان يفهم وفق تعاليم القران اني لا أجد إلاّ معنى واحدا نفهم به العلمانية الغربية انها المشابه التركي حيث أحال أتاتورك المساجد الى متاحف والقران الى كتاب في زوايا الطرق الصوفية له يوم لقراءته كما في الكنيسة بعد زوال ملكها فلها يوم الأحد وللقران في تركيا العلمانية يوم الجمعة .   إن مصطلح الراديكالية هو بحد ذاته وصف للقران الذي مجده بلير في اول المشوار القران كتاب يتفاعل مع الحوادث والوقائع بتحديث مستمر لذا من العسير جدا ان يمدح القران على موقف مضى دون ان يصدم المادح بصراع معه في الآتي اذا تعارض مع المبدأ ! فهناك من الملوك والأباطرة من قيّم القران ظنا منه انه كتاب بحث او مطالعة تاريخية من حق قارئه بعد قرون ان يبدي تقييمه ، ثم تجاوزهم القران وقيمهم وصاروا الى التراب وصار القران الى المسجد والجامعة والعقول أين ما حلت .. السياسي عندما يكتب عن الإسلام يتخيل انه مختزل في مؤسسة دينية اوعند عالم قابع في محرابه او عند معبد او مسجد فيحاول ان يحتويه ويمارس معه أساليبه السياسية ، ولكن الأمر لا يعدو الخيال وهذا الاختزال سرعان ما يعود الى طبيعته ليلتقي السياسي مع النماذج المختارة في مشهد واحد وربما في مستوى مشابه فالعالم والمسجد ونحوها رموز كاشفة عن عجزها أمام الإسلام وهي محتاجه إليه لحظة بلحظة وما للتصورات المحيطة بها من الآخرين أي فضل او مسعى الى خلاصها من حاجتها ..
ماهي القيم عندهم :
عندما نسترجع عداد الذاكرة  لما بعد 11 سبتمبر كأحداث مركبة من حدث وآثاره يستتبعه موقف ومشهد في النهاية يختمر الكل في قرار حاسم يحكم في ما جرى .. ان تفحص السنوات الانتقامية للرد على الإرهاب لم تترك مجالا للقيم فطالبان كنست تقريبا من مملكتها الا ان الفكر بقى تغذيه السياسة الأمريكية بأخطائها فسجن (غوانتنامو) والسجون السرية لوكالة الاستخبارات الأمريكيةcia) ) في بعض البلدان الغربية والآسيوية وسجن ابو غريب عكست قيما مشابه للقيم التي ينتجها باستمرار الحكام والملوك في منطقة الشرق الأوسط من التعذيب بكافة الوسائل والفضائح والتصفية الجسدية وغيرها من ملامح الوجه الاخر ! فأصبح الفكر الطالباني مقبولا على نطاق أوسع في العالم العربي والإسلامي وأصبح أسامة بن لادن المصلح  والزعيم ، من القيم التي جابه بها الغرب حركة الإرهاب هي دعم التحرر الاجتماعي والاقتصادي والديني فأصبحت من أولويات القيم هي الاهتمام بالمرأة العربية ولكنه اهتمام قادها الى حمام دم ساخن مع أعرافها وبيئتها الغائرة في أعماق التاريخ ، تعالت الأصوات الغربية لنزع حجابها وإشراكها في مراكز القرار الحكومي لكن أحداً لم يشأ ان يراها وهي تعاني من هذا الوضع الجديد في أسرتها ومشاكلها مع ذاتها حينما تغيرت هويتها وسلوكياتها لترمى على قارعة الطريق جثة هامدة أحيانا ..
من القيم المستحدثة التي حارب بها توني بلير وحلفائه هي كبح جماح الإرهاب بالسلاح البارد الخطير وهو الإغراء بالأموال الهائلة  فالعراق وأفغانستان شهدت تدفق مالي فيهما على مشاريع وهمية او غير منتجة او مستعجلة غايتها الجذب وإثراء المحسوبين على السياسة الصديقة للحلف الأمريكي والتي أنتجت طبقة من الملاكين والإقطاعية والمافيات التي أعطت أكثر من مسوغ لثورة اجتماعية تساند المليشيات وطالبان على الانتقام من هذا المشروع الرأسمالي الطموح بلا حدود هكذا سارت المعادلة على ارض الواقع وليس من وحي قلمي  .
اما في الحقل الديني فاصبح في متناول أي طائفة ان تقيم شعائرها وطقوسها كيفما تشاء ولابناءها حق إبداء الرأي والاعتقاد ولكن لو أخذنا شيعة العراق كنموذج على شريحة مورس بحقها أبشع صنوف القمع وحرمت حتى من التلفظ بعقائدها فقد نالت الحرية أخيرا بعد سقوط النظام بفعل الاجتياح الأمريكي البريطاني ولكن الغريب ان هذه الطائفة استهدفها الإرهاب بنفس القمع وبصورة عجيبة فليس هناك منع للصلاة في المسجد ولكنه خطر فقد تستهدفه سيارة مفخخة او من حقك ان تبدي عقيدتك ولكن هناك خوف من الحزام الناسف او فرق الموت ، الغريب ان القوات الغربية - امريكا بريطانيا - عجزت عن رد هذا المشروع القمعي المتأتي من خلف الحدود او حتى تخفيفه في حين استطاعت عشائر عربية في المنطقة الغربية ان تهزم هذا الارهاب بقيم العشيرة والدخالة وإكرام الضيف والنجدة الى نصرة الملهوف ونحوها فأين قيم بلير الكونية واين صارت والموت يخطف العقول والأبصار ؟؟!!
  
علاقة الدين بالسياسة أين الخلل ؟   
ان مجمل ما جاء في الكتاب يصور علاقة الدين بالسياسة - ولو ان بعض المواضيع لاتصب في هذين الحقلين كالمسلمين في فرنسا مثلا فهو من الدراسات الاجتماعية والنفسية  - وكأن الدين كيان ساذج سهل اجتذابه الى أحابيل السياسة والسياسي والتستر به لنيل المآرب . ان هذا الفهم نتج من العلاقة بين بعض رجال الدين المحسوبين على المؤسسة الدينية مهما كانت أدوارهم عندما أصبحوا بمثابة الأدوات الطيعة للسياسي ولكن قبل ان نعمم هذه الظاهرة كمعادلة او قاعدة قياسية علينا ان نحدد نسبتهم - اعني هولاء المحسوبين على الدين - ثم خصوصيتهم في بناء الكيان الديني العصي على ظروف المكان والزمان القاهرة عادة ،الواجب علينا اولا وبالذات فهم الدين وأدواره وبالتالي الحكم على المتدينين به وليس العكس كما هو جار هذه الأيام من الحكم الجائر على الدين بسيئات الأفراد المنسوبين له مجازا او ادعاءً .
  
الدين في لغة العرب :
أن كلمة (الدِّين) تؤخذ تارة من فعل مُتعدٍ بنفسه: (دانه يدينه)، وتارة من فعل متعدٍ باللام: (دان له)، وتارة من فعل متعدٍ بالباء: (دان به)، وباختلاف الاشتقاق تختلف الصورة المعنوية التي تعطيها الصيغة.
  
1.   فإذا قلنا: (دانه دِينًا) عنينا بذلك أنه مَلَكَه، وحَكَمَه، وساسه، ودبره، وقهره، وحاسبه، وقضى في شأنه، وجازاه، وكافأه. فالدِّين في هذا الاستعمال يدور على معنى المُلك والتصرف بما هو من شأن الملوك؛ من السياسة والتدبير، والحكم والقهر، والمحاسبة والمجازاة. ومن ذلك: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4]، أي يوم المحاسبة والجزاء. وفي الحديث: "الكَيِّسُ من دان نفسه"، أي حَكَمَها وضَبَطَها. و(الديَّان) الحَكَم القاضي.
  
2.   وإذا قلنا: (دان له) أردنا أنه أطاعه، وخضع له. فالدِّين هنا هو الخضوع والطاعة، والعبادة والورع. وكلمة: (الدِّين لله) يصح أن منها كلا المعنيين: الحُكم لله، أو الخضوع لله.
  
وواضح أن هذا المعنى الثاني ملازم للأول ومطاوع له. (دانه فدان له) أي قهره على الطاعة فخضع وأطاع.
  
3.   وإذا قلنا: (دان بالشيء) كان معنـاه أنه اتخذه دينا ومذهبـا، أي اعتـقده أو اعتاده أو تخلَّق به. فالدِّين على هذا هو المذهب والطريقة التي يسير عليها المرء نظريًا أو عمليًا. فالمذهب العملي لكل امرئ هو عادته وسيرته؛ كما يقال: (هذا دِيني ودَيْدَني).
وجملة القول في هذه المعاني: اللغوية أن كلمة (الدِّين) عند العرب تشير إلى علاقة بين طرفين يعظِّم أحدهما الآخر ويخضع له. فإذا وصف بها الطرف الأول كانت خضوعا وانقيادًا، وإذا وصف بها الطرف الثاني كانت أمرًا وسلطانًا، وحُكْمًا وإلزامًا، وإذا نظر بها إلى الرباط الجامع بين الطرفين كانت هي الدستور المنظم لتلك العلاقة، أو المظهر الذي يعبر عنها.
ونستطيع أن نقول: إن المادة كلها تدور على معنى لزوم الانقياد، ففي الاستعمال الأول، الدِّين هو: إلزام الانقياد، وفي الاستعمال الثاني، هو: التزام الانقياد، وفي الاستعمال الثالث، هو المبدأ الذي يُلتزم الانقياد له.
وهكذا يظهر لنا جليًا أن هذه المادة بكل معانيها أصيلة في اللغة العربية، وأن ما ظنه بعض المستشرقين(ورد هذا الراي  في دائرة معارف الإسلام المترجمة جـ9 صـ368، 369.) من أنها دخيلة، مُعرَّبة عن العبرية أو الفارسية في كل استعمالاتها أو في أكثرها: بعيد كل البعد.
ونعود إلى موضوعنا فنقول: إن الذي يعنينا من كل هذه الاستعمالات هو الاستعمالان الأخيران، وعلى الأخص الاستعمال الثالث. فكلمة الدِّين التي تستعمل في تاريخ الأديان لها معنيان لا غير. (أحدهما) هذه الحالة النفسية (etat subjectif) التي نسميها التدين religiosite).) (والآخر) تلك الحقيقة الخارجية (fait odjectif) التي يمكن الرجوع إليها في العادات الخارجية، أو الآثار الخارجية، أو الروايات المأثورة، ومعناها: جملة المبادئ التي تدين بها أمة من الأمم، اعتقادا أو عملا. (doctrine religieuse) وهذا المعنى أكثر وأغلب[. الدين د. محمد عبد الله دراز صـ29- 32.  ]
  
الدين في الاصطلاح :
الدِّين وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات، قلبيا كان أو قالبيا (أي معنويا أو مادِّيا) كالاعتقاد والعلم والصلاة.
  
وقد يُتجوَّز فيه، فيطلق على الأصول خاصة، فيكون بمعنى المِلَّة، وعليه قوله تعالى: {دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [الأنعام:161].
  
وقد يُتجوَّز فيه أيضًا، فيطلق على الفروع خاصة، وعليه قوله تعالى: {الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5][ الكليات لأبي البقاء صـ433 طبعة مؤسسة الرسالة. بيروت.].
وقيل أي الدين هو الاعتقاد بأمر مقدس ..(دروس في تاريخ الأديان / حسين توفيقي ص 10 )
وأشهر تعريف تناقله الإسلاميون عن الدِّين ما ذكره صاحب (كشاف اصطلاحات العلوم والفنون): أنه وضع إلهيٌ سائق لذوي العقول السليمة باختيارهم، إلى الصلاح في الحال، والفلاح في المآل[كشاف اصطلاحات العلوم والفنون للتهانوي صـ403.].
وقد لخصه د. دراز بقوله: الدِّين وضع إلهي يرشد إلى الحق في الاعتقادات، وإلى الخير في السلوك والمعاملات[الدين للدكتور دراز صـ33 طبعة دار القلم. الكويت.].
وأحسب أن تلخيص د. دراز ينقصه أن يتضمن (العبادات) مع (الاعتقادات) إلا أن تدخل في عموم السلوك، سواء كان مع الله، أم مع خَلقه.
  
وقد نقل د . دراز عن الغربيين تعريفات عن الدِّين، يلتقي معظمها في الأصل مع المفهوم الاصطلاحي للدين عند علماء المسلمين. ولا بأس أن نذكر هنا بعض هذه التعريفات للدين من العقل الغربي .
•·        يقول سيسرون، في كتابه (عن القوانين): (الدِّين هو الرباط الذي يصل الإنسان بالله).
  
•·   ويقول في كتابه (الدِّين في حدود العقل): (الدِّين هو الشعور بواجباتنا من حيث كونها قائمة على أوامر إلهية).
  
•·        ويقول شلاير ماخر، في (مقالات عن الديانة): (قوام حقيقة الدِّين شعورنا بالحاجة والتبعية المطلقة).
  
•·   ويقول الأب شاتل، في كتاب (قانون الإنسانية): (الدِّين هو مجموعة واجبات المخلوق نحو الخالق: واجبات الإنسان نحو الله، وواجباته نحو الجماعة، وواجباته نحو نفسه).
  
•·        ويقول روبرت سبنسر، في خاتمة كتاب (المبادئ الأولية): (الإيمان بقوة لايمكن تصور نهايتها الزمانية ولا المكانية، هو العنصر الرئيسي في الدِّين)[ الدين للدكتور دراز صـ34 وما بعدها.].
  
  
  
  
مفهوم كلمة (الدِّين) في القرآن:
  
ومن تتبع كلمة (الدِّين) في القرآن الكريم، مُعَرَّفـة أو منكـرة، مجـردة أو مضافة: يجد لها معاني كثيرة يحددها السياق.
  
فأحيانا يُراد بها الجزاء، مثل: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4].
  
وأحيانا يُراد بها: الطاعة، كما في قوله تعالى: {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} [النساء:164].
  
وأحيانا يُراد به: أصول الدِّين وعقائده، كما في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى:13]. فالذي شرع الله لأمة محمد من الدِّين: هو ما وصَّى به أولي العزم من الرسل: نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم، وهو: أن يقيموا الدِّين ولا يتفرقوا فيه.
والدِّين هنا الذي جاءت به الرسل كلهم -كما قال الحافظ بن كثير- هو: عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25]. وكقوله جل جلاله: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} [المائدة:48]. لهذا قال تعالى ههنا: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى:13]، أي وصَّى الله تعالى جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالائتلاف والجماعة، ونهاهم عن الافتراق والاختلاف[تفسير ابن كثير (4/109) طبعة عيسى الحلبي.]
وقد يُراد بالدِّين إذا ذكر في القرآن: الإسلام خاصة، كقوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [آل عمران:83]، وقوله: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [التوبة: 33، الفتح:28، الصف:9].
كما قد يُراد به العقيدة التي يدين بها قوم من الأقوام، وإن كانت باطلة، كما في أمره تعالى لرسوله أن يقول للمشركين الكافرين: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:6]. فكلمة الدين يتسع مدلولها الى الحق والباطل ومن هنا نتبين: أن إطلاق كلمة (الدِّين) لا تعني (الدِّين الحق) وحده، بل تعني: ما يدين به الناس ويعتقدونه، حقا كان أم باطلا.
  
الدِّين والإسلام:
ومن الضروري هنا أن نقرِّر: أن مفهوم كلمة (الدِّين) ليس هو مفهوم كلمة (الإسلام) كما يتصور ذلك كثير من الكتاب المعاصرين.  نعم يمكن أن يكونا شيئا واحدا، إذا أضفنا الدِّين إلى الإسلام أو إلى الله، فنقول (دين الإسلام) أو (دين الله) جاء بكذا أو كذا، أو هو الدِّين الذي بعث الله به خاتم رسله: محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل به آخر كتبه: القرآن الكريم. ولكن إذا ذكرت كلمة (دين) مجردة من الإضافة أو الوصف، فهي أضيق مفهوما من كلمة الإسلام، لأن (الدِّين) في الحقيقة إنما هو جزء من الإسلام..
فالشريعة الإسلامية من مقاصدها الأساسية: أن تُقِيم (الدِّين) وتحافظ عليه، لأنه سر الوجود، وجوهر الحياة، ومن أجله خَلق الله الناس، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذريات:56].
  
بل أعلن القرآن أن الله لم يخلق هذا العالم عُلْويَّه وسُفْليَّه، بسمواته وأرضه، إلا ليعرفه خَلقه، فيؤدوا إليه حقه، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} [الطلاق:12].
  
فالدِّين إذن هو ما يحدد العلاقة بين الله سبحانه وخَلقه من المكلَّفين، من حيث معرفته وتوحيده، والإيمان به إيمانا صحيحا بعيدا عن ضلالات الشرك، وأباطيل السحرة، وأوهام العوام. ومن حيث إفراده جل شأنه بالعبادة والاستعانة، فلا يُتوجه بالعبادة إلا إليه، ولا يستعان -خارج الأسباب المعتادة والمندوبة لانها منه سبحانه كما في الاستعانة بالصلاة او الأنبياء والأولياء- إلا به سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5].
ومن هنا نرى كلمة (الإسلام) أوسع دائرة من كلمة (الدِّين). ولهذا نقول: الإسلام دين ودنيا، عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، دعوة ودولة، خُلُق وقوة.(الدين والسياسة للدكتور يوسف القرضاوي ص 7 - 8 - 9 )
  
وهكذا رأينا: (الدِّين) يقابل بـ(الدنيا). ورأينا الكلام عن (الدِّين والسياسة)، أو (الدِّين والدولة) في كلام كثير من العلماء على تنوع اختصاصهم.
  
تقرير ما سبق :
الدين لفظ لمعنى واسع لم يخص الدين الحق فقط بل تعداه الى وصف الاعتقاد الإنساني بأمر مقدس وان كان في الحقيقة  باطلا ، ومن هنا فحتى الألفاظ لا تستحضر ما عليها للمعنى اذا تركت بلا قيد وتخصيص فكيف يحاسب الدين بسلوكيات فرد او مجموعة من الأفراد شطت وانحرفت عن الجادة فلا هي قيد لمعرفته او دليل على صدق دعواه ،فالدين وبالخصوص اذا أضفناه الى الإسلام فانه يسري في جميع مفاصل الحياة من العبادات الى المعاملات وعلاقات الفرد بالمجتمع او البلد او المؤسسات او الجامعات وعلى مختلف مدارج عمره من الرضاعة الى الكهولة رحابة قد لا تسعها حتى اللغة في كثير من المواضع شاهدة بالعجز . ان هذه الإحاطة والرحابة من السخف ان ينظر اليها تابعة الى السياسة بمنظارها الضيق الذي لا يتسع لعنوان آخر سوى المصالح والمنافع الشخصية والجاهزة وتتضح أكثر من تعاريفها بأنها: صراع من أجل القوة والسيطرة (السياسة بين الأمم صـ13 لهانس مورغنتاو. نيويورك 1948م.) او هي عند هارولد لاسويل تعني: السلطة أو النفوذ، الذي يحدِّد: مَن يحصل على ماذا؟ ومتى؟ وكيف؟ (المنهجية والسياسة صـ44 لملحم قربان. بيروت. الطبعة الأولى 1986م. ) اننا نبرر ولجميع الفصول الأخرى في الكتاب التي تجعل من الدين وسيلة للإطاحة بالحزب المهيمن او بالأغلبية او الوصول الى البيت الأبيض شريطة أن ينظر الى هذا الدين على انه صناعة بشرية ، وتجربة سياسية لا أكثر من هذا .. حينئذ تبدو المعابد والكنائس صور تناظرية لأعضاء البرلمان ، ونواب السلطة والوزراء ، والقصر يقابل الكنيسة مثلا . القيم التي أراد توني بلير أن يقابل بها الإرهاب في العالم العربي والإسلامي جاءت من هناك من ذلك الدين الذي من السهل ان تعارضه او تبين الأخطاء فيه إذ لا وجود لشي فيه اذا استثنينا البعد التاريخي وغالبا ما يهدر في دوامة الحداثة .. لقد تصور بلير أن الإمساك بحفنة من أصحاب اللحى وهم يفجرون المساجد او الحسينيات او رياض الأطفال كاف للقضاء على الدين - المأخوذ بجريرة ثلة ولدت بعد آلاف السنين فهمت منه خللا وزللا ثم تركت جلَّه لبعضه لم تستكمل منه وله حدّ الصدارة على الأقل ثم ما ان سقطت في رهان طيشها رمت فعلها على كاهل الإسلام دون ان تتحمل مسؤوليتها عن خطئها او تعتذر من دينها عن انتحاله بغير استحقاق -     كما يتصورون ومن المؤسف أن ينحدر مع تصوراتهم قطّاع من هنا وهناك كان نائما طوال العقود أمام السينما المصرية او حالما مع أنغام أصوات تنطلق من ازدواج الشخصية العربية وفصامها المرير ..فزّ قائما منتفضا على الدين كيف يفعل كل هذا الإرهاب لا  لأنه تأثر من نظريات خاطئة حسبت على الفكر الإسلامي او من آراء لعلماء نسبوا الى ساحة هذا الدين بل لأنه شاهد مجموعة من الملتحين يفجرون وسياسي مثل بلير يتوعدهم بالعقاب بقيم كونية  !!!! هل على الدين الإسلامي أن يقيم ذاته لان هناك شباب تاهوا في أفغانستان او غيرها ربوا لحاهم وضلوا الطريق ؟ أم  علينا ان ننتظر من يعيد حسابات هذا الدين بحضارته وتراثه الكبير والطويل لان هذا التائه كان مسلما! . علينا أن نعلم جيدا أن الدين الإسلامي لم يكن يوما حاكما على احد في أي دولة عربية او إسلامية طوال التاريخ الا في زمن السيرة النبوية الشريفة وسنوات قلائل من حكم الإمام على عليه السلام انتهت باغتياله شهيدا في مسجد الكوفة وبخلاف هذين الفترتين لم يشهد الإسلام حكمه الكامل مطلقا بل كان قبليا او بدويا او سلما الى المطامح . لابأس أن نشكر التجارب الإسلامية التي انبعثت بين فترات مختلفة الى زماننا هذا والتي حملت شيئا من الحكم الإسلامي وهمّا من هموم الحاكم الإسلامي الحق ونوع من التطبيق المحدود لمعالم الدين ولكنها تبقى مجزئة وقطرة من بحر لازال المسلم يتصور هذا البحر بطعم القطرة ولونها إلاّ ان البحر واسعا والقطرة هي القطرة .
ومن هنا فليس من حق احد أن يتهم الإسلام ذلك الدين المحكم بأي خلل او زلل على مستوى الممارسة فضلا عن مفاهيمه لأنه وبمنتهى اليسر لم يُطبق يوما ما في  هذه  القرون ، والكل يعلم حال الإمبراطورية العثمانية التي اكتفت من الإسلام كدين حياة بالطرق الصوفية ، والدروشة وما أضيقها من مجالات لتحكم العالم باسم الإسلام من تلك النافذة المدلهمة بالسواد والضباب . وقبلها بني العباس وبني أمية الذين استعانوا بالخبرات الرومية في فصل الدين عن الدولة وجعل الخلافة الإسلامية طريقة للحكم القبلي الوراثي (نظام ملكي ) أين هذا من الإسلام ونظرية الشورى والعدل والمساواة وإعطاء كل ذي حق حقه ..أقول صراحة إن الكتاب (ميكيا فيلي مؤمنا ) أراد عكس الصورة على الواقع الإسلامي ولكن الصورة أبت لاختلاف الملامح والمعاني وصح انطباقها على القوالب المصنوعة باسم الإسلام عند كل محفل ومرقص تفتي وتبرر حسبما يراد منها على قاعدة "ديني مقابل الدولار واليورو ".ومع أن الكل لا يتهم الإسلام صراحة الا ّ أن الكثير يؤشر بإصبعه عليه بلغة إياك اعني فاسمعي يا جارة . (يراجع كتاب رأيهم في الإسلام :لوك باربولسكو وفيليب كاردينال .وهذا الكتاب حوار صريح وملغز حول الإسلام  لأربعة وعشرين أديبا وكاتبا عربيا من توفيق الحكيم والى عبد الوهاب المؤدب وعبد الرحمن منيف )
  
دوافع انتكاسة الدين في الغرب
يصب الكتاب في بعض مقالاته ودراساته اللوم على الدين المسيحي كشاهد على قصور الدين عن إدارة الحياة وسحب هذا الشاهد بهدوء وحذر على الدين الإسلامي في علاقته مع الدولة ، ولتسليط الضوء على اختلاف الموضوعين الشاسع - أي الدين الإسلامي والدين المسيحي - نذكر جملة من واقع المسيحية الممثلة بحكم الكنيسة أيام مجدها الآفل  .
لقد عاشت أوروبا في القرون الوسطى فترة قاسية، إبان حكم رجال الكنيسة وهيمنتهم، وفساد أحوالهم، واستغلال السلطة الدينية لتحقيق أهوائهم، ، تحت قناع القداسة التي يضفونها على أنفسهم، ويهيمنون بها على الأمة آنذاك، ثم اضطهادهم الشنيع لكل من يخالف أوامر أو تعليمات الكنيسة وهنا الفارق يبدو جليا فالكنسية حكمت بدكتاتورية وقلما نجد مسجدا حكم بهذا الشكل الأحادي فالعهد الأموي الذي يوصف بأقسى الأزمنة الإسلامية  لم يكن ينطلق من المسجد بل كان ينطلق من القصر ومن الإمبراطورية المحتشدة بالأموال والنفوذ والعدد ولا انوي الخوض في العلاقة المتواصلة بين العرش الرومي والعرش الأموي وتابعه بني العباس على اضطراب وتفاوت ومد وجزر  مضافا الى كون المسجد في العالم الإسلامي عنصر معارضة على الدوام والى يومنا الحاضر  فقد ذهب اغتيالا احد عشر قائدا وزعيما من خيرة عباقرة الأمة الإسلامية بدءً بعلي بن أبي طالب وانتهاءً بحفيده الحسن بن على الملقب بالهادي كانوا من ابرز وجوه المعارضة للحكم باسم الإسلام والذي اضطر الى تحويل وجهته الى القصر وممارسة علمنة مستترة   .
وقد شمل هيمنة الكنيسة النواحي الدينية، والاقتصادية، والسياسية، والعلمية، وفرضت على عقول الناس وأموالهم وتصرفاتهم وصاية لا نظير لها على الإطلاق وسنعرض إلى شيء من ذلك بإيجاز:
الطغيان الديـني:
1- إنَّ الإيمان بالله الواحد الأحد، أساس بعثة الأنبياء والغرض من أي دين ، وإن عيسـى كنبي مرسل برسالة سماوية ، قـد تـحول في عقيـدة رجال الدين والكنيسة إلى إيـمان بالـه مثلث يتجسد،أو يحلُّ بالإنسان ذي ثلاثة أقاليم (الأب والابن ورح القدس).
وذلك أنه منذ مجمع نيقية سنة 325م والكنيسة مارست فرض هذه العقيدة عقيدة التثليث قهراً، وحرّمت ولعنت مخالفيها، بل سفكت دماء من ظفرت به من الموحدين، وأذاقتهم صنوف التعذيب وألوان النكال.
وتتفق المصادر على أن اليد الطولى في تحريف العقيدة النصرانية تعود إلى بولس "شاؤل" اليهودي، وهـو الذي أثار موضوع إلوهية المسيح لأول مرة مدعياً أنه ابن الله  ! (المسيحية / احمد شلبي ص 110 ) . هذا التحريف العقائدي الخطير جاء من هيمنة الكنيسة ومن تدخل الطرف الخارجي وإلغاءهما للرأي الآخر الذي حاول سدىً أن يحفظ المسيحية من التلف فسحق وقتل وشرد .
2- والعبادات قد دخلت فيها أوضاع بشرية كنسية مبتدعة، وهذه المبتدعات حمّلتها الكنيسة مفاهيم غيبية، وفسّروها بأن لها أسراراً مقدسة، وجعلوا لها طقوساً تُمارس في مناسباتها، ويجب احترامها والتقيد بها.
3- الأحكام التشريعية معظمها أوامر وقرارات كنسية بابوية، جاءت كعملية استنباط لا علاقة لها بالإنجيل او بعيسى  ، وهى تُحلّلُ وتُحرِّم من غير أن يكون لها مستند شرعي (كواشف زيوف لعبد الرحمن الميداني ص 23.).
ونصّبت الكنيسة نفسها عن طريق المجامع المقدسة "صاحبة الحق الالهي  الذي لا يناقش ولا يعارض حتى بإبداء الرأي كائناً من كان، وإلا فالحرمان مصيره، واللعنة عقوبته؛ لأنه كافر ((مهرطق)) ، والهرطقة - كما فهمتها الكنيسة إذ ذاك - هي: مخالفة رأي الكنيسة، فرأي يراه عالم في العلوم الكونية هرطقة، ومحاولة فهم الكتاب المقدس لرجل غير كنسي هرطقة، وانتقاد شيء يتصل بالكنيسة هرطقة.(انظر: المسيحية، لأحمد شلبي ص 256.).
وقد كان الختان واجباً فأصبح حراماً، وكانت الميتة محرمة فأصبحت مباحة، وكانت التماثيل شركاً ووثنية فأصبحت تعبيراً عن التقوى، وكان زواج رجال الدين حلالاً فأصبح محظوراً، وكان أخذ الأموال من الأتباع منكراً فأصبحت الضرائب الكنسية فرضاً لازماً، وأمورٌ كثيرة نقلتها المجامع من الحل إلى الحرمة أو العكس دون أن يكون لديها من الله سلطان، أو ترى في ذلك حرجاً.
وأضافت الكنيسة إلى عقيدة التثليث عقائد وآراء أخرى مثل: حق الغفران، وحق الحرمان، وحق التحلة، ولم تتردد في استعمال هذه الحقوق واستغلالها.
صكوك الغفران والحرمان:
فأما غفران الذنوب فقد أصبح ظاهرة ، وذلك أنه إذا أراد البابا أن يبني كنيسة أو يجمع مالاً لشيءٍ ما؛ طبع صكوك الغفران ووزعها على أتباعه ليبيعوها للناس؛ كالذين يبيعون أسهم الشركات. وبالصك فراغٌ تُرِكَ ليُكتب به اسم الذي سيغفر ذنبه، وهذا الصك لم يتخذ صورة الدعاء حتى يمكن إدراجه ضمن التوسلات الى الرب لطلب المغفرة وإنما جاء بصيغة التحقق بغفران الذنوب في حال استلامه .
الاعــتراف:
ولم تقف قضية غفران الذنوب عند هذه الصكوك، بل سرعان ما دخلها عنصر جديد ذلك ما يسمى "الاعتراف" فكان على المذنب أن يعترف بذنبه، في خلوة مع قسيسه؛ ليستطيع هذا القسيس أن يغفر له ذنبه، وهذا الاعتراف لو كان على طريقة النصيحة لتفادي الوقوع بالخطيئة لفهم على انه من واجبات المؤسسة الدينية في مساعدة الناس على الهداية إلاّ انه قصد به وضع الكنيسة في مقام الاطلاع على النوايا واستخبار سرائر البشر ولو بإرادتهم حتى يتحقق لها الحق الإلهي كاملا على الشعوب . أما ما يحدث في الوقت الحاضر فهو اعتراف مقبول لان الكنيسة لم تعد الا لمنح الموعظة والنصيحة والذي يشرف على سماع الاعتراف موظف في هذا المنصب لا غير ، وفي خلوات الاعتراف حدثت أشياء مناقضة لفحوى الاعتراف ( المسيحية لأحمد شلبي ص255، والنصرانية لأبي زهرة ص203..)
وأما حق "التحلة " فهو حق خاص يبيح للكنيسة أن تخرج عن تعاليم الدين وتتخلى عن الالتزام بها متى اقتضت المصلحة - مصلحتها هى -ذلك .
حيــاة الرهبنــة:
الرهبنة هي إفراط في الزهد والتقشف وصولا الى حالة مرضية وصفها القران بأنها : {..رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (.سورة الحديد، الآية (27).)  قريبة في بعض الصور من التصوف عند بعض المسلمين ولكن نقطة الخلاف  في كون الطباع البشرية غالبة على أي تطبع صناعي و الحاجات الضرورية لابد من تلبيتها ولو بعد حين فتفاقم الحال الى كبت لدى طبقة مسيطرة على الكنائس والأديرة (الآباء والقساوسة والراهبات والرهبان ممن التزموا الحصر في حياتهم وغيرهم) واجهت هذه الطبقة هذا الكبت بإفراغه سرا في واقع غير مسؤول وغير منضبط  اثر على علاقتها بالمجتمع وسمعتها عنده ووقارها الهابط بعد ان كانت قلعة سماوية من شدة التقديس  .
وتمارس حياة الرهبنة داخل الأديرة بالانقطاع عن الحياة العامة، وبالامتناع عن الزواج وتضم الراهبين والراهبات، وكأي حياة تنافي الفطرة وتلغيها، شهدت الأديرة بما نمسك عنه من تناقضات السلوك. (. معالم تاريخ الإنسانية (3/896) هـ.ج ويلز، ت: عبدالعزيز جاويد، القاهرة 1967م.)
    
الرصيد المـالي:
إن المتأمل في الأناجيل - على الرغم من رواج الفكر البشري فيها فيما بعد سيدنا عيسى عليه السلام  - يجد أنها لم تنه عن شيء كنهيها عن اقتناء الثروة والمال.جاء في إنجيل متى: "لا تقتنوا ذهباً ولا فضةً ولا نحاساً في مناطقكم ولا مزوداً للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا  (متى: 10: 10-11 .)
وجاء في إنجيل مرقص: "مرور جمـلٍ من ثقب إبرةٍ أيسر من أن يدخل غنيٌ إلى ملكوت الله"(. مرقص: 10:25 .)
وجاء في إنجيل لوقا: "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون، ولا للجسد بما تلبسون، الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضـل من اللباس، تأملوا الغربان، إنها لا تزرع ولا تحصد، وليس لها مخـدع ولا مخزن، والله يقيتها، كم أنتم بالحرى أفضل من الطيور". (لوقا: 12: 22- 24.)
إلا أن القرون التالية قد شهدت مفارقة عجيبة بين مفهوم الكنيسة عن الدنيا وبين واقعها العملي، حتى صار جمع المال والاستكثار من الثروات غاية لديهم، فتهالك رجال الدين على جمع المال والإسراف والبذخ والانغماس في الشهوات والملذات.
  
  
ويمكن إيجاز مظاهر الطغيان الكَنَسِيّ في هذا المجال فيما يلي:
1-الأملاك الإقطاعية:
يذكر المؤرخ الكبير ول ديورانت (ديورانت هو مؤلف كتاب قصة الحضارة، وهو كتاب كبير يقع في 30مجلداً، تحدث فيه عن قصة الحضارة منذ فجر التاريخ إلى العصر الحاضر..): "أصبحت الكنيسة أكبر ملاك الأراضي وأكبر السادة الإقطاعيين في أوروبا، فقد كان دير "فلدا" مثلاً يمتلك(15000) قصر صغير، وكان دير "سانت جول" يملك (2000) من رقيق الأرض، كان "الكوين فيتور" أحد رجال الدين سيداً لعشرين ألفاً من أرقاء الأرض، وكان الملك هو الذي يعين رؤساء الأساقفة والأديرة... وكانوا يقسمون يمين الولاء لغيرهم من الملاك الإقطاعيين ويلقبون بالدوق والكونت وغيرها من الألقاب الإقطاعية... وهكذا أصبحت الكنيسة جزءاً من النظام الإقطاعي.
وكانت أملاكها الزمنية: أي المادية، وحقوقها والتزاماتها الإقطاعية مما يجلل بالعار كل مسيحي متمسك بدينه، وسخرية تلوكها ألسنة الخارجين على الدين ومصدراً للجدل والعنف بين الأباطرة والبابوات"(. قصة الحضارة 14/ 425.)
2-الأوقـاف:
كانت الكنيسة تملك المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية باعتبارها أوقافاً للكنيسة، بدعوى أنها تصرف عائداتها على سكان الأديرة، وبناء الكنائس، وتجهيز الحروب الصليبية، إلا أنها أسرفت في تملك الأوقاف حتى وصلت نسبة أراضي الكنيسة في بعض الدول إلى درجة لا تكاد تصدق، وقد قال المصلح الكنسي "ويكلف" - وهو من أوائل المصلحين -: "إن الكنيسة تملك أراضي إنجلترا وتأخذ الضرائب الباهظة من الباقي، وطالب بإلغاء هذه الأوقاف واتهم رجال الدين بأنهم "أتباع قياصرة لا أتباع الله" (تاريخ أوربا لفيشر ( 2/362-364 ).).
3-العشـور:
فرضت الكنيسة على كل أتباعها ضريبة (العشور) وبفضلها كانت الكنيسة تضمن حصولها على عشر ما تغله الأراضي الزراعية والإقطاعيات، وعشر ما يحصل عليه المهنيون وأرباب الحرف غير الفلاحين ولم يكن في وسع أحد أن يرفض شيئاً من ذلك فالشعب خاضع تلقائياً لسطوتها .
4-ضريبة السنة الأولى:
رسوم أخرى جاء بها حنا الثاني والعشرون هى "ضريبة السنة الأولى" وهى مجموعة الدخل السنوي الأول لوظيفة من الوظائف الدينية أو الإقطاعية تدفع للكنيسة بصفة إجبارية، وبذلك ضمنت الكنيسة مورداً مالياً جديداً (.معالم تاريخ الإنسانية ( 3/913 ).)
5-الهبات والعطايا:
وكانت الكنيسة تحظى بالكثير من الهبات التي يقدمها الأثرياء الإقطاعيون للتملق والرياء، أو يهبها البعض بدافع الإحسان والصدقة. وقد قويت هذه الدوافع بعد منح صكوك الغفران، إذ انهالت التبرعات على الكنيسة، وتضخمت ثروات رجال الدين الى حد كبير.
هذا. ولا ننسى المواسم المقدسة والمهرجانات الكنيسية التي كانت تدرُّ الأموال الطائلة على رجال الكنيسة؛ فمثلاً في سنة 1300م عقد مهرجان لليوبيل (اليوبيل: ذكرى مرور خمس وعشرين سنة وتعرف باليوبيل الفضي، أو خمسين سنة وتعرف باليوبيل الذهبي، أو خمس وسبعين سنة وتعرف باليوبيل الماسي على حدث شخصي أو عام.  القاموس العربي الشامل ص647.) واجتمع له جمهور حاشد من الحجاج في روما بلغ من انهيال المال إلى خزائن البابوية أن ظل موظفان يجمعان بالمجاريف الهبات التي وضعت عند قبر القديس بطرس (.تاريخ أوربا لفيشر (1/259) كواشف زيوف ص52، العلمانية ص143)
6- العمل المجاني "السخرة":
لم تقنع الكنيسة بامتلاك الإقطاعيات برقيقها وما يملكه بعض رجال الدين من آلاف الأرقاء، بل أرغمت أتباعها على العمل المجاني في حقولها وفي مشروعاتها، ولاسيما بناء الكنائس والأضرحة وكان على الناس أن يرضخوا لأوامرها ويعملوا بالمجان لمصلحتها مدة محدودة، هى في الغالب يَوْمٌ واحِدٌ في الأسبوع، ولا ينالون مقابل ذلك الأجر بالمقابل.
التأثير السياسي:
بلغ الأثر السياسي لسلطة البابا الدينية المهيمنة على ذوي السلطة الإدارية والسياسية أوجها، حتى كان باستطاعة البابا أن يتوج الملوك والأباطرة، وأن يخلع تيجانهم إذا نازعوه ورفضوا أوامره، وأن يحرمهم من الدين، وكذلك يحرم شعوبهم الذين يوالونهم، ولا يستجيبون لأوامر الخلع البابوية وكأن الدين ملك للبابا او الكنيسة استخلفهم عليه الخالق .
حتى إن البابا "جريجوري" السابع خلع الإمبراطور الألماني "هنري" الرابع وحرمه، وأحلَّ أتباعه والأمـراء من ولائهم له، وألبهم عليه، فعقد الأمراء اجتماعاً قرروا فيه أنه إذا لم يحصل الإمبراطور على مغفرة البابا فإنه سيفقد عرشه إلى الأبد، فاضطر هذا الإمبراطور حفاظاً على عرشه أن يسعى لاسترضاء البابا سنة (1077م) فاجتاز جبال الألب في شتاء بارد مسافراً إلى البابا الذي كان في قلعته بمرتفعات "كانوسا" في "تسكانيا" وظل واقفاً في الثلج في فناء القلعة ثلاثة أيام، وهو في لباس الرهبان، متدثراً بالخيش، حافي القدمين، عاري الرأس،يحمل عكازه مظهراً ندمه وتوبته، حتى ظفر بعفو البابا، وحصل على رضاه (كواشف زيوف ص50-51،قصة الحضارة (15/197)تاريخ أوربا لفيشر2/194.).
  
  
الصراع بين الكنيسة والعلم:
الصراع بين الدين والعلم مشكلة من أعمق وأعقد المشكلات في التاريخ الفكري الأوروبي إن لم تكن أعمقها على الإطلاق.وذلك أن الكنيسة كانت هي صاحبة السلطة طوال القرون الوسطى في أوروبا حتى قامت النهضة العلمية هناك.وفي هذه الأثناء وقعت الحروب الصليبية بين المسلمين والأوروبيين،واستمرت طوال القرنين الحادي عشر، والثاني عشر الميلادي،واحتك الصليبيون خلالها بالمسلمين ووقفوا عن كثب على صفات الإسلام وروعته في جميع مجالات العلوم والفنون، في الأندلس والشمال الإفريقي وصقلية وغيرها، حيث كانت المدارس والجامعات المتعددة في كل مكان في بلاد المسلمين، يؤمها طلاب العلم، ومنهم الأوروبيون الذين وفدوا يتعلمون من الأساتذة المسلمين، وترجمت بعض الكتب إلى اللغة الإنجليزية.
فلما عاد أولئك الأوروبيين الذين تأثروا بحضارة وثقافة الإسلام وعرفوا الفرق بينه وبين الكنيسة ورجالها ، أخذ هؤلاء يقاومون الكنيسة ودينها وأعلنوا كشوفاتهم العلمية والجغرافية، والعلوم الطبيعية التي تحرمها الكنيسة، وعند ذلك احتدم الصراع، ومكث قروناً بين رجال العلم ورجال الكنيسة، فأخذوا يُكفّرون ويقتلون ويحرقون ويشردون المكتشفين، وأنشأت الكنيسة محاكم للتفتيش لملاحقة حملة الأفكار المخالفة لآرائها وأفكارها . (الموجز في الأديان ص105)( احذروا الأساليب ص197) ( مذاهب فكرية معاصرة  : محمد قطب ص512..)
ومكث هذا الصراع عدة قرون، وانتهى بإبعاد الكنيسة ورجالها عن التدخل في نظم الحياة وشئون الدولة، فالدين - بمعنىً أوضح - مهمته داخل جدران الكنيسة فقط ولا داعي لوجوده خارجها، ويكون لرجال الدولة والعلم إدارة شئون الحياة بالأسلوب الذي يناسبهم سواء أكان متفقاً مع مبادئ الدين أم لا ؟!!
وبما أن الدين بصبغته الإلهية النقية لم يدخل المعركة، فإن الأولى أن نسمي ما حدث في أوروبا صراعاً بين الكنيسة والعلم، وليس بين الدين والعلم أو بين رجال الدين والعلماء. الكشاف الفريد عن معاول الهدم ونقائض التوحيد ( 2 / 293 ).
نظرية التطور:
في سنة 1859م نشرالباحث الإنجليزي "تشارلز داروين" (1809-1882م) صاحب نظرية التطور العضوي المعروفة، ولد بويانر في بريطانيا، وألف كتابه "أصل الأنواع" بعد رحلة طويلة وقد أحدثت نظريته انقلاباً فكرياً في معظم حقول المعرفة الأوروبية، نظراً لاتساع مدى النظرية ، فقد ركزت النظرية  على قانون الانتقاء الطبيعي وبقاء الأنسب، وقد جعلت نظريته كون الجد الحقيقي للإنسان جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين، والقرد مرحلة من مراحل التطور التي كان الإنسان آخرها فاحدث ذلك ضجة لم يحدثها أي مؤلف آخر في التاريخ الأوروبي قاطبة، وكان له من الآثار في المجالات الفكرية والعملية مالم يكن في الحسبان.وهذه النظرية أدت إلى انهيار العقيدة الدينية، ونشر الإلحاد في أوروبا، وقد استغلها المتنفذين والساسة خاصة اليهود استغلالاً بشعاً لطمس اخر امل للديانة المسيحية في العودة الى الحياة  ( الموسوعة الميسرة ص 368..) ولكن النظرية بعد ان استتبت الأجواء والأوضاع لصالح العلمانية في أوربا ومعظم بلدان العالم بحثت بصورة علمية مجردة عن التسييس وكانت النتيجة أن اجمع عليها العلم والفلاسفة على مخالفتها للبرهان العلمي وأصبحت من الأفكار الغاربة .
  
أمثلة من الإسلام :
عثمان بن عفان :
من الشخصيات البارزة في الإسلام والصحابة المعروفين تقلد الخلافة على المسلمين وحكم برهة إلاّ ان أمورا استجدت في خلافته أهمها النزوع الى جمع الثروة وتقريب الأصهار والأقارب فما كان من المجتمع الاسلامي انذاك الا ان رفض بيعته وحاصره وكانت هذه طريقة متعارفة في التعبير عن الإقالة للخليفة وان كان لا يعني انزال العقاب كما حدث فيما بعد بما سميت بفتنة عثمان التي قتل فيها وقد حامى عنه خيرة الصحابة سيما علي بن ابي طالب وولديه الحسن والحسين ، ولكن الحنق كان كبيرا وعقول بعض المحتشدين اخف من فهم الموقف فهجموا عليه وقتلوه . مقصدي الأساس من كل هذا ان الدين الإسلامي لم يكن طيعا للساسة ولاستغلاله حتى ولو كان من ارفع المقامات فيه ولذا نرى موقف علي من عثمان جاء حاسما حينما جرى في خلافته تسييس مسند الخلافة بقوله (والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته فان في العدل سعة ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق ) نهج البلاغة ص 52 .
  
الدين الإسلامي واحترام العلم :
العلم في نظر الدين الإسلامي ضرورة ملحة شأنها شأن الواجبات العبادية بل أعظم بكثير ، ولهذا ينطلق في الحث عليه كركيزة لفهم الدين وقاعدة لمعرفة أحكامه ، وكم هو الفرق واسعا بين الكنيسة والإسلام فالأولى حرمت المجتمعات من العلم لأنه يسحب البساط من تحتها ويعرف الناس بحقيقتها في مقابل هذا يوجب الإسلام على المسلم ان يتعلم ويتبحر حتى لو لم يكن لله كما في بعض الروايات أي حتى لو كان الهدف الحصول على المال او الجاه فانه بعد أن يتنور بنور العلم سيكتشف ضلال هذه الأهداف وقبحها في جنب رضاء الخالق الرازق واليك هذه المقتطفات من الروايات في الحث على العلم واحترام العلماء :
  قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
(أقرب الناس من درجة النبوّة أهل العلم والجهاد).
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل).
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): (إن أكرم العباد إلى الله بعد الأنبياء العلماء).
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): (اكثر الناس قيمة أكثرهم علماً).
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): (ثلاثة يشفعون إلى الله عز وجل فيشفعّون: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء).
وقال الإمام الصادق(عليه السلام): (إن العلماء ورثة الأنبياء).
وقد وردت روايات كثيرة تؤكد على حب العلم والعلماء، قال(صلى الله عليه وآله وسلم): (اغد عالماً أو متعلماً أو احب العلماء ولاتكن رابعاً فتهلك ببغضهم).
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): (مجالسة العلماء عبادة) .
  
خلاصة :
عندما يكون الدين بهذا الوضع الذي ذكرناه فان السياسة من حقها ان تتصرف فيه بما يمكن لها وبما أوتيت من قوة دهاء وتفنن في السيطرة ، ان حيوية أي سياسي مقرونة بقوته على انتهاز الفرص واقتناص نقاط الضعف ، والدين الذي كان سائدا ايام احكم الكنيسة سانحا ومعظمه نقاط قوة للفلاسفة ورجال السلطة الذين حاربوا الدين هناك والكنيسة واجلى مثال على تلك الحرب شعار فولتير "اسحقوا العار " ومن يعرف ان الدين والمؤسسة الدينية وصلت الى هذا المستوى يعلم كم قد تصرف الوضاعون فقي المسيحية ولا اعني المسيحية الدين السماوي فانه في منأى عن هذا الوصف . ان عكس صورة الكنيسة على الدين الإسلامي من أفدح الأخطاء ومن يسير على هذا المنوال يمارس إبادة للتاريخ العربي والحضارة العربية واللغة العربية ، ان الدين الإسلامي  بنى القواعد والأسس للفكر العربي الذي كان غائرا في الأدب الفطري يجري على السليقة دون تنظير او تفكير ..الدين الإسلامي يباين الأديان الأخرى لأنه لم يتدخل في السياسة مطلقا بل حاولت السياسة الدولية الوافدة على بلدانه على طول التاريخ منذ فجر الدعوة التدخل فيه ،  وتعمقت الرغبة اكثر مع بدايات القرن العشرين وظهور الاقطاب واندلاع الحروب الكونية وذوبان الثلوج لتندفع باتجاه الشرق الذي لازال محتفظا بماتبقى من نسيجه الفكري والاجتماعي ضمن اطار الدين الجامع  ولكن هذا الحال لم يلبث ان بدأ بالضمور تحت تاثير الضغط والاستنزاف ومختلف السبل والحيل السياسية لاقتحام الدين من الداخل وبالذات بعد انتهاء الحرب الباردة  وكما يصف هذه المرحلة الكاتب الإسلامي الجاد فهمي هويدي بقوله (..إن الحديث عن تدخل الدين في السياسة ليس دقيقاً، لأن المشكلة التي نعاني منها حقاً هي تدخل السياسة في الدين. وخبراتنا في العالم العربي تشهد بأن السياسة ما برحت تستخدم الدين لكي تحقق مأربها. ولدينا أنظمة كان لها باعها الكبير في الترويج لمدارس فقهية معينة، هي من أشدها تشدداً وغلواً. ولدينا أنظمة أخرى ألقت بثقل ملحوظ في الانحياز لجماعات دون أخرى، أو في تشجيع الطرق الصوفية، وفى أحد تقارير مؤسسة ‘'راند'' الأميركية الأخيرة دعوة صريحة إلى إفساح المجال لتلك الطرق والحفاوة لنشاطها.) ولكنني في النهاية لا أرى المشكلة في الدين او السياسة فهما من الخطوط التي لا تلتقي الا في المبادئ فقط لان المبادئ لا تقبل المساومة او التحايل ولكن المشكلة تكمن بشكل فعال في النخب التي تمزج وتخلط بين الأمرين وبالتالي تحرك المجتمع باتجاهات مخيفة تبعا لتصوراتها الخاطئة .

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب : ق,ب,م