الخميس، 25 أكتوبر 2012

المعرفة من دعاء عرفة : الحلقة الاولى :




                  المعرفة من دعاء عرفة :
الحلقة الاولى :





.ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي إِلَى الدُّنْيَا تَامّاً سَوِيّاً ، وَ حَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلًا صَبِيّاً ، وَ رَزَقْتَنِي مِنَ الْغِذَاءِ لَبَناً مَرِيّاً ، عَطَفْتَ عَلَى قُلُوبِ الْحَوَاضِنِ ، وَ كَفَّلْتَنِي الْأُمَّهَاتِ الرَّحَائِمَ ، وَ كَلَأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ ، وَ سَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيَادَةِ وَ النُّقْصَانِ ، فَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمَانُ ، حَتَّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلَامِ ، أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ الْإِنْعَامَ ، فَرَبَّيْتَنِي زَائِداً فِي كُلِّ عَامٍ ، حَتَّى إِذَا كَمُلَتْ فِطْرَتِي ، وَ اعْتَدَلَتْ سَرِيرَتِي ، أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ ، وَ رَوَّعْتَنِي بِعَجَائِبِ فِطْرَتِكَ ، وَ أَنْطَقْتَنِي لِمَا ذَرَأْتَ فِي سَمَائِكَ وَ أَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ ، وَ نَبَّهَتْنِي لِذِكْرِكَ وَ شُكْرِكَ ، وَ وَاجِبِ طَاعَتِكَ وَ عِبَادَتِكَ ، وَ فَهَّمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ ، وَ يَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ ، وَ مَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِعَوْنِكَ وَ لُطْفِكَ ، ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ حَرِّ الثَّرَى ، لَمْ تَرْضَ لِي يَا إِلَهِي بِنِعْمَةٍ دُونَ أُخْرَى ، وَ رَزَقْتَنِي مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ ، وَ صُنُوفِ الرِّيَاشِ ، بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ عَلَيَّ ، وَ إِحْسَانِكَ الْقَدِيمِ إِلَيَّ ، حَتَّى إِذَا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ ، وَ صَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَ جُرْأَتِي عَلَيْكَ ، أَنْ دَلَلْتَنِي عَلَى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ ، وَ وَفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي ، وَ إِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي ، وَ إِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي ، وَ إِنِ شَكَرْتَنِي زِدْتَنِي.....

      يشرح الإمام الحسين عليه السلام في هذا الدعاء وفي هذه الفقرات منه علل وحكم خلقة الإنسان بصورة الدعاء وبمنهج الولاء ..فالخروج الى الدنيا تاما سويا هو تضمين لقوله تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ‏(‏ التين‏:4) فالاستواء والتمام لهما معان عديدة وعميقة إلاّ ان المعنى لظاهرهما هو الخلق المتناسب المتناسق المتكامل في تفاصيله ..فالخالق زود كل واحد منا في ذاته وبدنه جميع مايحتاجه لتكليفه ...واما ما نراه من الخلقة المشوهة لبعض الاطفال فهي إجراءات بشرية منعت من الاستواء والتمام فإلام في حملها لها تأثير والوالد حين انعقاد النطفة له اثر والمحيط بهما له تاثير وحتى المناخ له يد في الولادة الصحيحة ...وحفظتني في المهد طفلا صبيا ...الحفظ واضح من خلال القدرة الهائلة التي يمنحها الخالق للام على الفطنة والنباهة لطفلها حتى ان بعض الهرمونات تزداد والبعض اخر منها يقل في هذه الفترة ..فهرمون العاطفة يزداد وهرمون الأمومة يزاد وتزداد درجة الانتباه والذاكرة  ويضعف إيعاز النعاس والاسترخاء واللامبالاة ...كلها أيادي إلهية عبر عنها الامام بقوله ( عَطَفْتَ عَلَى قُلُوبِ الْحَوَاضِنِ ، وَ كَفَّلْتَنِي الْأُمَّهَاتِ الرَّحَائِمَ )لحفظ الطفل من خلال الام ..وهناك الحفظ المباشر ...وهو الحفظ من العوارض الخفية التي يعجز عنها العلم ولازال عن تفسيرها ..وهي ماعبر عنها الامام ..وَ كَلَأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ ..شاهدت بعض الأطفال يبكي بلا توقف حتى الأطباء اجتمعوا على كونه خاليا من اي علة  وكان السبب اما ان الام اجتازت به وضعا نفسيا قلقا كالمرور بمقبرة او مكانا مهجورا او نحو ذلك ..لعل هذا من تاثير العوالم الاخرى التي لازال الطفل في هذا السن منفتحا عليها فتؤثر فيه ولولا رحمة الله عزوجل لكان التاثير اكبر من هذا .. مرحلة الخلقة او النعم الخلقية تصل الى مرحلة النطق و هي مرحلة التعبير عن المكنون العقلي حينئذ يسبغ عليه الخالق تبارك اسمه النعم الفعلية التي تهيأ لمرحلة التكليف والاستعداد للنظر في الاشياء ومعرفة الخالق لها من خلالها كآثار دالة على عليه تبارك اسمه.. عبر عنها الامام بقوله : حَتَّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلَامِ ، أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ الْإِنْعَامَ فَرَبَّيْتَنِي زَائِداً فِي كُلِّ عَامٍ ، حَتَّى إِذَا كَمُلَتْ فِطْرَتِي ، وَ اعْتَدَلَتْ سَرِيرَتِي ، أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ ، وَ رَوَّعْتَنِي بِعَجَائِبِ فِطْرَتِكَ ، وَ أَنْطَقْتَنِي لِمَا ذَرَأْتَ فِي سَمَائِكَ وَ أَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ ، وَ نَبَّهَتْنِي لِذِكْرِكَ وَ شُكْرِكَ ، وَ وَاجِبِ طَاعَتِكَ وَ عِبَادَتِكَ ، وَ فَهَّمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ ، وَ يَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ ، وَ مَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِعَوْنِكَ وَ لُطْفِكَ
ثم يعطف الامام على مرحلة ثالثة وهي مرحلة التذكير للانسان بحالته الاولى التي لم يشهدها ونسي ذكرها وهي من اي شي خلقه الله تبارك اسمه ؟ فيقول :ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ حَرِّ الثَّرَى.... وهو تضمين قراني ايضا لقوله تعالى في سورة الحجر آية رقم 26. (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون).ثم يبين حال الانسان مع هذه النعم الخلقية والفعلية واسباغها عليه وكيف يجهلها ويعصي خالقها والمنعم عليه ومع هذا فالحلم الالهي عليه باقيا واللطف به مستمرا والعفو عنه مرخيا بل اكثر من ذلك العطف عليه بان يذكر عبده بطريق العودة اليه والتوبة والانابة بقوله عليه السلام :حَتَّى إِذَا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ ، وَ صَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَ جُرْأَتِي عَلَيْكَ ،أَنْ دَلَلْتَنِي عَلَى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ ، وَ وَفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي ، وَ إِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي ، وَ إِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي ، وَ إِنِ شَكَرْتَنِي زِدْتَنِي.....
شرح الدعاء دلاليا على مدونة الخاقاني الرسمية تم انزال هذه المقدمة منه عليها ومنه تعالى التوفيق ...
اثير الخاقاني




 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب : ق,ب,م