الأربعاء، 27 يونيو 2012

كتاب في حلقات : باب الرجاء : الحلقة الثالثة


 كتاب في حلقات :
                   كتاب باب الرجاء 
 "هل كانت ظرفية السجن مانعا لهذه الشخصية 
العالمة بعلم الله اسرار الخفيات من دراية ومعرفة حال الامة 
 هل كانت جدران السجن تحجب علمه بمصير السجان
 الذي ذهب الى بيته حيث الحرية مقيدا بجهل مايكون له غدا .."
الحلقة الثالثة :

الاسلوب القراني مع الدعاة الى الله 
الداعية سواء كان نبيا او وليا او عبدا صالحا يتحركون في عنوان الدعوة الى الله والسعي الكادح من اجل ابلاغ البشرية الانذار والبشارة وتفاصيل كل منهما في سلّة من شرائع الاحكام الالهية ..كان الاسلوب القراني يتعامل معهم بحزم دون اي مرونة في مسائل العقائد والاحكام حتى ذهب العديد من مفسري المسلمين الى نفي العصمة عن الانبياء عليهم السلام كما نرى في هذه الايات الكريمة كعينة مختارة (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (طه 121) عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) (الايات من سورة عبس) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (الفتح 2) ) لا اريد الدخول في هذا الصراع على العقائد وهي واضحة لاننا لسنا بصدده هنا كما انه لايستوجب كل هذا التحشيد لاننا وببساطة اذا آمنا بأن الانبياء مثلنا من حيث عدم عصمتهم من الذنوب وعلي رأي بعضهم عدم عصمتهم من الكبائر وعلى رأي ثالث انهم معصومون فقط في التبليغ فأنهم وامام مسجد في أقصى الريف متساوون في الدرجة .. هذا الشطط في التعدي على كرامة الانبياء جاء لان بعض المفسرين لم يفهم الاسلوب القراني كوعي منتشر في كل الايات ومنسجم مع الامثال والقصص والبلاغيات المتعددة على ظاهر النص . الاسلوب القراني ينظر الى الدعاة على انهم شخصية امتهم الراشدة والتي تحاسب وتلام وتؤمر وتنهى اولا قبل قاعدة الامة التي تأتمر بهولاء الدعاة ..القران يجعلهم في طليعة الخطاب ثم ينزل مراده ومفاده منهم الى الامة مرشحا بعد ان يتلقى النبي او الولي الكليات الكبرى للخطاب فيعمل على انزالها تفصيلات تنزيلية كل بقدر عقله وادراكه لا اعني كما ذهب بعضهم الى التصوير بما يوهم ان الانبياء يجزئون الحقيقة والشريعة بحسب عقول الناس وهو مردود وسلبي بل يضعون كل شي في موضعه فهناك صورة كبيرة لشخص ما تناسب الاماكن العامة ومعها صورة صغيرة جدا تناسب وضعها في ورقة المعاملة الرسمية لكنهما اي الصورتين لهما نفس الخصائص والمضمون لكنهما اختلفا في الحجم فقط وهو طارئ على الذات ، فالمعاني الثقيلة للراسخين في العلم والمعرفة وهكذا الاعلم فالاعلم الاتقى فالاتقى الاورع فالاورع بشكل متجانس ..
الاسلوب القراني يريد ان يعزز فكرة مهمة ان الصفوة من الانبياء والاولياء ونحوهم يتحركون في فلك المشيئة الالهية ليس لهم ارادة مع ارادته ولا امر مع امره ولانهي مع نهيه ليس لهم استقلال في حرف مفهوم دون نية القربى الى خالقهم وذلك فهم يحاسبون في الخطاب القراني على الامة العاصية يحاسبون على المجتمعات الهزيلة دينا وعقيدة في مراحل هدايتهم دون مصيرهم -اي مصير الامم المنحرفة - واصرارهم على الغيّ .
 القران في مضمونه الكبير المتدفق لايمسًّه المتسكعون في الشوارع ولا يفهمه اليساري او اليميني ولا من يتلاعب بالالفاظ من اجل حفنة دنانير ولا اهل الجدل والمراء اليوناني والاغريقي واتباع مدارسهم .. القران لايسمه الا الانبياء والاولياء في مضامينه العالية في تاويله وتفسيره وبيان مرادات الحكيم منه القران ليس كتاب مطالعة او مراجعة او فكر .. القران كون كامل فيه كل ذكرنا الى يوم القيامة القران يساوي الانسان الكامل كما ورد عن امير المؤمنين في معركة صفين بخطاب له امام فتنة رفع المصاحف على رؤوس الرماح  ) هذا القرآن الصامت وأنا القرآن الناطق  ( هذه دلالات لايفسرها الحرف بالحرف بل يكشف لثامها القلب والعقل ... اخلاقيتنا الاخيرة من الحلقة الماضية متصلة بهذا الموضوع اتصالا عضويا وهي ان الظروف مكمل اساس لدعوة الصفوة فلا تعارض مطلقا بينها وبين باقي الظروف الا ان العقول مقيدة باختيارها في بيئتها فلا تبرح تفكر في الظروف وقاهريتها ..فمثلا هل منع السجن يوسف من تبليغ رسالته بل نجده تسنم المناصب العليا من خلال رحلة السجن الهادفة ثم هل منعت غيبة موسى عليه السلام من دعوته بل كانت له حظوة بعدها ، الظروف مانعيتها لمن يؤمن بها ولا سلطان لها على من ايقن السبب من المسبب والمسبب هو الله وحده فامن به موقنا اشد درجات اليقين وهنا قصة تفي بسياق مانحن  قال إسحاق بن عمّار : لمّا حبس هارون أبا الحسن موسى ( عليه السلام ) ، دخل عليه أبو يوسف ومحمّد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة ، فقال أحدهما للآخر : نحن على أحد أمرين : إمّا أن نساويه وإمّا أن نشاكله ، فجلسا بين يديه ، فجاء رجل كان موكّلاً به من قبل السندي بن شاهك ، فقال : إنّ نوبتي قد انقضت ، وأنا على الانصراف ، فإنّ كانت لك حاجة أمرتني حتّى آتيك بها في الوقت ، الذي تلحقني النوبة .
فقال له : ( ما لي حاجة ) ، فلمّا أن خرج قال ( عليه السلام ) لأبي يوسف ومحمّد بن الحسن : ( ما أعجب هذا ، يسألني أن أكلّفه حاجة من حوائجي ليرجع ، وهو ميت في هذه الليلة ) ، قال : فغمز أبو يوسف محمّد بن الحسن للقيام ، فقاما فقال أحدهما للآخر : إنا جئنا لنسأله عن الفرض والسنّة ، وهو الآن جاء بشيء آخر ، كأنّه من علم الغيب .
ثمّ بعثا برجل مع الرجل ، فقالا : اذهب حتّى تلزمه وتنتظر ما يكون من أمره في هذه الليلة ، وتأتينا بخبره من الغد ، فمضى الرجل ، فنام في مسجد عند باب داره ، فلمّا أصبح سمع الواعية ، ورأى الناس يدخلون داره ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : قد مات فلان في هذه الليلة فجأة من غير علّة .
فانصرف الرجل إلى أبي يوسف ومحمّد ، وأخبرهما الخبر ، فأتيا أبا الحسن ( عليه السلام ) ، فقالا : قد علمنا أنّك قد أدركت العلم في الحلال والحرام ، فمن أين أدركت أمر هذا الرجل الموكّل بك ، أنّه يموت في هذه الليلة ؟ قال : من الباب الذي أخبر بعلمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) ، فلمّا أورد عليهما هذا ، بقيا لا يحيران جواباً . )
هل كانت ظرفية السجن مانعا لهذه الشخصية العالمة بعلم الله اسرار الخفيات من دراية ومعرفة حال الامة هل كانت جدران السجن تحجب علمه بمصير السجان الذي ذهب الى بيته حيث الحرية مقيدا بجهل مايكون له غدا ..
نكمل الحلقة في الحلقة الرابعة بأذن الله تعالى  ماتبقى من محاور الحلقة الثانية والثالثة ...



الاثنين، 25 يونيو 2012

كتاب في حلقات : رمزية السجن للعظماء: الحلقة الثانية

 كتاب في حلقات :
                                            كتاب باب الرجاء  
الحلقة الثانية : رمزية السجن للعظماء
     
                               



رمزية السجن للعظماء 

السجون نتيجة طبيعية لمن اساء التصرف بنعمة الحرية وحق التصرف بما خلق الله تعالى الا ان هذا القانون  يعجز تماما عن التطبيق امام العظماء حينما يكونون نزلاء السجون ويكون سجانهم هو المجرم الخارج عن القانون هذه المفارقة حفزت الاقلام في سيرة الامام الكاظم عليه السلام وخلص الكثير منهم على قلتهم الى ان الامام الكاظم كان ضحية واعتقاله خسارة كبيرة للقران وللشريعة وللامة وهذا الاراء صحيحة بلاشك لكن وجه الاعتراض باعتقادي هو حينما يصور اولئك الكتاب ان الامام كان بعيدا عن شيعته وعن مقربيه وان الامام لم يحقق اهدافه الاساسية وان السجن نازلة كريه نزلت بالامامة بل ان بعظهم صور الامام بالعابد الذي ارتاح مسرورا بعزلة السجن ليتفرغ للعبادة الواقع ان كل الاراء تحمل جزءا من الامام صورتها في المحصلة هي صورتهم ..! ان احق من له الوصف لهذا الامام العظيم موسى بن جعفر عليه السلام هو القران كتاب الله الذي يحيط احاطة قيومية بنا من كل ناحية ولهذا ولاجابة الاستحقاق الكبير للسيرة وصاحب السيرة على المسلمين والاسلام فليسع كل ساع بمقداره من القران اولا ثم من اهل بيت النبي في بيان بعضهم فهم احق بتفسير بعضهم الاخر ..ايات القران الكريمة ضمن هذا المخطط تقسم الى ثلاثة اقسام بارزة هي :
1. ايات الخطاب الالهي للانبياء في بيان آلية الدعوة وتبيلغ الحجة .
2. ايات الانبياء مع اقوامهم .
3. الاعلان عن التبليغ واتمام الحجة .
قد نبطأ في الوصول الى النتيجة لاننا في بحر القران المجيد لكننا نسعى لنتائجنا منه وهي بالتالي حق لاباطل معه واصابة للهدف المنشود ، وهذا المخطط القراني الذي سنتعرض له باذن الله تعالى حول الخطاب الالهي للصفوة ودعوة الصفوة للبشر وخطاب الصفوة الاخير البلاغ التام يرفع بمشيئة الحق  استارا كانت ولازالت عن نهضة امام معصوم  لو قدر لنهضته ان تقاس او جاز لنا ذلك لكانت خلف نهضة ابي الاحرار مباشرة وبلا فصل  هذا تقييمنا ونعتذر من ساداتنا اولا واخرا ..

ايات الخطاب الالهي للانبياء في بيان الدعوة وتبليغ الحجة :
 يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67المائدة )
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19الانعام )
 وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47المائدة )

يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12مريم )
وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52الانعام ) 

وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ ( ابراهيم 44)

 وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (الايات من سورة الشعراء )

أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2يونس )
وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21الاحقاف )

هذا نزر من الايات الكريمة تبين الخطاب الالهي المباشر مرة وغير المباشر من خلال القران مرة اخرى ..ان المستفاد من هذه الايات عند اخذ نبذة تفسيرية عنها انها ترمز الى اربع اخلاقيات مهمة في طريق الدعوة الى الله تعالى من قبل الانبياء والاولياء معا و هناك ايات تخص من عبر عنهم القران بالعباد الصالحين اجلنا ذكرهم للتفصيل في شانهم اكثر ..وهذه الاخلاقيات هي :
1. الاخلاقية الادبية معى الخالق : ان العلاقة بين الخالق جلت قدرته والنبي او الولي نمط تربوي متكامل للعمل به وهذه العلاقة تحمل وجهين وجه لها بين الخالق والمخلوق من الانبياء او الاولياء او العباد الصالحين الذي ذكرهم القران باسمائهم او  احوالهم  هذا الوجه حقيقي تكاملي من جهة العبد (النبي - الولي - العبد الصالح ) في التقرب من الخالق والذوبان والفناء في حبه ولقاءه ورضاه تعالى .ولعل ابرز ايات قرانية تشهد على هذا الوجه هي بتفاوت طبعا لان مقام الخاتمية للنبي محمد صلى الله عليه واله يفوق كل نبي ومرسل ووصي وولي ولكننا لبيان هذه العلاقة نستشهد بقوله  تعالى : (  وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) (الايات من سورة النجم) ).اما الوجه الثاني فهو بين النبي او الولي او العبد الصالح وبين الخالق على اساس التمثيل والتبسيط ومحاكاة المدركات المختلفة للبشر في الدعوة وهو معنى دقيق للغاية ويحتاج الى بحوث وافية نتعرض لها بشي من التفصيل بأذن الله تعالى في الحلقة الثالثة .
2. الاخلاقية الثانية : لاوجود للهوى او النفوس الامارة ولا اللوامة عند انبياء الله واوليائه وعباده المجتبين لذلك نلاحظ الخطاب القراني يأتي اليهم يتخطى كل المخاوف او الشكوك او الاعتراضات لاوجود في الامر الالهي للانبياء واخوانهم سوى الطاعة بل الانصهار في هذا الامر كمانرى في قوله تعالى : فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111 الايات من سورة الصافات) وهذه الاخلاقية نحتاجها في موضوعنا حول الامام الكاظم فيما بعد بصورة مركزة ..
3.الاخلاقية الثالثة : بعض الايات التي اوردناها وكثيرة هي في القران تحمل الامر بالانذار ولا ادري كيف نغفل عن هذه اللفتة العجيبة في تاريخ انبياء الله واوليائه ان القران يعطينا امثلة مرعبة لنا بعد التامل فيها عن حال الصفوة الطاهرة في الامتثال لاوامر الله بحمل الانذارات الالهية للعتاة من الطواغيت والمستهزئين والمترفين وباقي الخلق ...هل تدبرنا في عواقب ان يذهب نبي وحيد في مجتمعه غريب عن عاداتهم وسلوكياتهم ان يذهب داخلا على الجبابرة ليسقط الانذار الالهي على مسامعهم صواعق وبوارق ماهذه الارادة ماهذه الرجولة الحقة كما نرى في قوله تعالى (قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)(الايات من سورة الانبياء ) انه ابراهيم خليل الله يقول لنمروذ هذا الخطاب يقول له اف لكم ولما تعبدون يقولها لاعظم متجبر في زمانه وما كان جواب هذا المتجبر الا ان قال (حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ) ولكن الله تعالى انجاه وعززه وكرمه واهلك اعدائه خاسئين ..
نكمل باقي الاخلاقيات في الحلقة الثالثة بأذن الله تعالى ...


الاثنين، 18 يونيو 2012

كتاب في حلقات : باب الرجاء : الحلقة الاولى


كتاب : باب الرجاء
كتاب في حلقات 
الحلقة الاولى  :
 "لا اريد مطلقا ان ابحث في سيرة الامام الكاظم 
في هذه الحلقة على الاقل من الناحية التاريخية 
لانها سرد لما تناقلته الالسن و خطاب العقل الجمعي 
 السائد انذاك والسائر الى يومنا هذا وهي صدمة
 للحقيقة بلا شك "




                                                       معنى الكاظم
لا اريد مطلقا ان ابحث في سيرة الامام الكاظم في هذه الحلقة على الاقل من الناحية التاريخية لانها سرد لما تناقلته الالسن و خطاب العقل الجمعي السائد انذاك والسائر الى يومنا هذا ..بل اريد ان انقل بأمانة ماتناقلته العقول عن نهظة وثورة صامتة عن امام لاول مرة في التاريخ الاسلامي يؤدي واجباته وادواره كاملة تجاه الامة على اختلافها واختلافاتها في سجون  مظلمة على حد وصف بعض المؤرخين لايعرف ليلها من نهارها ..ان هذا الامام يتصف بكظم الغيظ ولهذا سمي بالكاظم اي حبس الغيظ عن اطلاقه وهي صفة اخلاقية محمودة لكني - اخالف - من ذهبوا الى هذا المعنى كليا لان الامام لم يكن يحبس غيضا ابدا لانه لايحمله ولا هو وسط له واما صفته بالكاظم فلها في تصوري معنى ادق مماسبق خصوصا اذا عرفنا ان هناك روايات رويت في ان صفة الكاظم سابقة لولادة الامام اصلا كما في هذه الرواية الطويلة اخذنا منها موضع الشاهد (....فقام جابر بن عبد الله الانصاري فقال : يا رسول الله ومن الائمة من ولد علي ابن أبي طالب ؟ قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ، ثم الباقر محمد بن علي وستدركه يا جابر ، فإذا أدركته فأقرئه مني السلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم الكاظم موسى بن جعفر...) فصفة الكظم اوسع مما ذهب بعض الكتاب والعلماء  ففي اللغة لها تصاريف عديدة ابرزها (كَظَمَ السِّقَاءَ : كَظْمًا : ملأَه وسدَّ فاه .) المعجم الوسيط مادة كظم . نلاحظ ان اللغة تشير الى امتلاء وكظم والصفة جاءت للامام كاسم علم ربما سابقة حتى على ولادته  فيكون المعنى والله العالم بحقائق الامور " الكاظم لانه امسك عن مجاراة اهل زمانه من السلطان والعامة الذين ساروا في ركابه كذلك تدل اللفظة على الامساك عن افشاء علوم ومعارف الامام الا عن اهلها فعلا وكذلك تدل اللفظة على الصبر المستمر على ويلات السجون لما فيها من غربة عن المجتمع والاهل والاصحاب والعالم بكله تقريبا والسجن حمل معه اغترابا عن السلطة الجائرة وهذا ما نجد الامام يشكر الله تعالى عليه  في بعض كلماته وادعيته .. باعتقادي ان الامام الكاظم اختزن معالجا كل اخطاء مجتمعاته وعللها وحتى انحرافات السلاطين ليطرح بالمقابل منهجا وطريقا وحلولا اقل مايقال فيها انها صحيحة سليمة ناجعة لو ان الامة كانت تنظر بمصداقية حقيقية لهذا المعصوم ..


اثير الدين الخاقاني 




الخميس، 14 يونيو 2012

كتاب في حلقات : باب الرجاء

بسم الله الرحمن الرحيم
ستصدر الحلقة الاولى من كتاب (باب الرجاء )  وهو قراءة فكرية في سيرة الامام الكاظم عليه السلام







السبت، 9 يونيو 2012

كتاب في حلقات : الحلقة الثالثة

                    من اخلاق الزهراء عليها السلام



سخاء بلا حدود :
ان من يطالع  في كتاب الخلق من اول التاريخ لن يجد كمال إنساني في غير البيت النبوي حتى في سير الأنبياء فهناك اما ولد غير صالح او زوجة خائنة للعهد او إخوة حسدة او نظير ذلك ، اما في بيت فاطمة عليها السلام فالأمر مختلف غاية البعد فزوجها سيد الأوصياء وخاتمهم واخو رسول الله وحبيبه ونفسه والأبناء سيدا شباب أهل الجنة الحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء ثم زينب العقيلة مفخرة الاسلام الخالدة وهكذا حتى آخر البيت المطهر ويعد السخاء من أعظم المثل الدالة على خلق الإنسان لانه بذل ماعليه حرص الإنسان وعطاء حصاد تعبه وشقائه ومن هنا نقيم المواقف التي بان فيها الكرم الفاطمي وسخائها الفذ واليك نماذج منها :

في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام  ) : بالأسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) أنه قال : حدثتني أسماء بنت عميس قالت : كنت عند فاطمة ( عليها السلام ) إذ دخل عليها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفي عنقها قلادة من ذهب كان اشتراها لها علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) من فئ ، فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا فاطمة لا يقول الناس إن فاطمة بنت محمد تلبس لباس الجبابرة ، فقطعتها وباعتها واشترت بها رقبة فأعتقتها ، فسر بذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله) .
 في علل الشرائع : ابن مقبرة ، عن محمد بن عبد الله الحضرمي ، عن جندل بن والق عن محمد بن عمر المازني ، عن عبادة الكلبي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن فاطمة الصغرى ، عن الحسين بن علي ، عن أخيه الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) قال : رأيت أمي فاطمة ( عليها السلام ) قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ، ولا تدعو لنفسها بشئ ، فقلت لها : يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يا بني ! الجار ثم الدار .
في  علل الشرائع : أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي ، عن جعفر المقري ، عن محمد بن الحسن الموصلي ، عن محمد بن عاصم ، عن أبي زيد الكحال ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : كانت فاطمة ( عليها السلام ) إذا دعت تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها ، فقيل لها : يا بنت رسول الله إنك تدعين للناس ولا تدعين لنفسك ، فقالت : الجار ثم الدار .
في  علل الشرائع : القطان ، عن السكري ، عن الحكم بن أسلم ، عن ابن علية ، عن الحريري ، عن أبي الورد بن ثمامة ، عن علي ( عليه السلام ) أنه قال لرجل من بني سعد : ألا أحدثك عني وعن فاطمة إنها كانت عندي وكانت من أحب أهله إليه وأنها استقت بالقربة حتى أثر فصدرها ، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها ، فأصابها من ذلك ضرر شديد . فقلت لها : لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك ضر ما أنت فيه من هذا العمل فأتت النبي ( صلى الله عليه وآله)  فوجدت عنده حداثا فاستحت فانصرفت .
قال : فعلم النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنها جاءت لحاجة ، قال : فغدا علينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونحن في لفاعنا فقال : السلام عليكم ، فسكتنا واستحيينا لمكاننا ، ثم قال : السلام عليكم فسكتنا ثم قال : السلام عليكم . فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك يسلم ثلاثا فإن أذن له وإلا انصرف ، فقلت : وعليك السلام يا رسول الله أدخل فلم يعد أن جلس عند رؤوسنا ، فقال : يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد ؟ قال : فخشيت إن لم نجبه أن يقوم قال : فأخرجت رأسي فقلت : أنا والله أخبرك يا رسول الله إنها استقت بالقربة حتى أثرت في صدرها وجرت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك ضر ما أنت فيه من هذا العمل ، قال : أفلا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم ؟ إذا أخذتما منامكما فسبحا ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربع وثلاثين قال : فأخرجت ( عليها السلام ) رأسها فقالت : رضيت عن الله ورسوله ثلاث دفعات .
بيان : قال الجزري : مجلت يده تمجل مجلا ، إذا ثخن جلدها في العمل بالأشياء الصلبة ، ومنها حديث فاطمة أنها شكت إلى علي ( عليه السلام ) مجل يدها من الطحن .
وقال : في حديث فاطمة : أنها أوقدت القدر حتى دكنت ثيابها ، دكن الثوب إذا اتسخ واغبر لونه يدكن دكنا .
وقال : اللفاع ثوب يجلل به الجسد كله كساء كان أو غيره ومنه حديث علي وفاطمة : وقد دخلنا في لفاعنا أي لحافنا .
وقال : في حديث فاطمة أنها جاءت إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فوجدت عنده حداثا أي جماعة يتحدثون ، وهو جمع على غير قياس حملا على نظيره ، نحو سامر وسمار فان السمار المحدثون .
قوله : فلم يعد أن جلس ، أي لم يتجاوز عن الجلوس من عدا يعد وقال الجوهري : عداه أي جاوزه ، وما عدا فلان أن صنع كذا .

تاملات :
عندما لايرغب النبي صلى الله عليه واله في ان يرى قلادة ذهبية جاءت من حلال خالص للزهراء ويعلل النبي كراهته بقوله انها من (لا يقول الناس إن فاطمة بنت محمد تلبس لباس الجبابرة ) ان حديث النبي منصب على عظمة الزهراء وانها حجة الهية تتعالى عن هذه المتع الدنيوية الزائلة ولكي تكون حجة بهذا المستوى الباذخ فانها لابد ان تلامس مستوى الفقراء لانهم السطح الحقيقي للمجتمع في ذات الوقت الذي تقطع فيه الزهراء قلادتها الوحيدة وتتصدق بها كان هناك من المسلمين ومن صحابة النبي من يعرض على الزهراء قبل زواجها من الامام علي عليه السلام بان يفرش الارض ذهبا من بيتها الى بيتها الجديد !!
ومن مكارم اخلاقها وسخائها ماجاء في الكافي :
عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا أراد السفر سلم على من أراد التسليم عليه من أهله ثم يكون آخر من يسلم عليه فاطمة ( عليها السلام ) فيكون وجهه إلى سفره من بيتها ، وإذا رجع بدأ بها .
 فسافر مرة وقد أصاب علي ( عليه السلام ) شيئا من الغنيمة فدفعه إلى فاطمة فخرج فأخذت سوارين من فضة وعلقت على بابها سترا ، فلما قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دخل المسجد فتوجه نحو بيت فاطمة كما كان يصنع ، فقامت فرحة إلى أبيها صبابة وشوقا إليه فنظر فإذا في يدها سواران من فضة وإذا على بابها ستر ، فقعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حيث ينظر إليها ، فبكت فاطمة وحزنت وقالت : ما صنع هذا بي قبلها .
فدعت ابنيها فنزعت الستر من بابها وخلعت السوارين من يديها ، ثم دفعت السوارين إلى أحدهما والستر إلى الاخر ثم قالت لهما : انطلقا إلى أبي فاقرئاه السلام وقولا له : ما أحدثنا بعدك غير هذا فشأنك به ، فجاءاه فأبلغاه ذلك عن أمهما فقبلهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والتزمهما وأقعد كل واحد منهما على فخذه ، ثم أمر بذينك السوارين فكسرا فجعلهما قطعا ثم دعا أهل الصفة [ وهم ] قوم من المهاجرين لم يكن لهم منازل ولا أموال ، فقسمه بينهم قطعا ، ثم جعل يدعو الرجل منهم العاري الذي لا يستتر بشئ وكان ذلك الستر طويلا ليس له عرض فجعل يؤزر الرجل فإذا التقيا عليه قطعه حتى قسمه بينهم أزرا ثم أمر النساء لا يرفعن رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال رؤوسهم ، وذلك أنهم كانوا من صغر إزارهم إذا ركعوا وسجدوا بدت عورتهم من خلفهم ثم جرت به السنة أن لا يرفع النساء رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال .
ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : رحم الله فاطمة ليكسونها الله بهذا الستر من كسوة الجنة ، وليحلينها بهذين السوارين من حلية الجنة . عن الكاظم ( عليه السلام ) قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : دخل على ابنته فاطمة ( عليها السلام ) وفي عنقها قلادة ، فأعرض عنها ، فقطعتها ورمت بها ، فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أنت مني ائتيني يا فاطمة ثم جاء سائل فناولته القلادة .
هذا الموقف نحتاجه اليوم بشدة فعندما نسمع ان الزهراء البتول يكره النبي لها ان تلبس الفضة وليس الذهب وتستر الباب بقطعة قماش وما ان ترى الحزن في وجه النبي صلى الله عليه واله على السزار والستر حتى تتصدق بهما اليس هذا موقف يضرب بسموه اباء القرن الواحد والعشرين وامهاته الذين تزمتوا بالمهور وتعالوا بالذخ على الكماليات والترف الى اقصى الحدود ولعل في جنبهم خربة لاتستر اهلها ولاتقيهم من الحر والبرد يتضورن جوعا قد نسوا غير رغيف الخبز منالا .!!!
لقد مارست الزهراء الدين عمليا وبصمت دون ان تعلن عن نفسها للناس بماتعمل وهذا من الاخلاق الصعبة فهي من اجل البيوت وارفعها في الدنيا والاخرة كانت في بيتها تعمل كل شي من درسها المستمر لنساء المدينة ومن شؤون الزوجية في بيت الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام ومن إدارة البيت وتربية النسل الطاهر الإمامان الحسن والحسين زينب الكبرى وباقي البيت الشريف وتصور ايها القارئ انها أي الزهراء كانت تطحن حتى مجلت يداها في حين كانت نساء بعض الصحابة تنعم بالحرير مع انها بنت محمد سيد الكونين المسالة إذن مسالة تمثيل الشريعة على ذواتهم المقدسة على أعلى مستوى ولأدنى مستوى في المجتمع ونلمس هذا المعنى في جملة من الروايات هذا بعضها :
روي عن الزهري قال : لقد طحنت فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى مجلت يداها وطب الرحى في يدها . بيان : طب أي تأنى في الأمور وتلطف ولعل المعنى أثرت فيها قليلا قليلا ولعل فيه تصحيفا او لعل المعنى والله العالم ان يدها بعد ان مجلت أخذت الرحى تأثر فيها فوق ذلك شيئا فشيئا وهو مؤلم جدا لمن يملك احساس بعظمائه كيف كانوا يعيشون من اجله وتمعن اكثر في هذه الرواية الواردة في مناقب  ابن شهرآشوب :... قالت فاطمة ( عليها السلام ) : والله إني أشتكي يدي مما أطحن بالرحى وكان عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) أسارى فأمرها أن تطلب من النبي ( صلى الله عليه وآله ) خادما ، فدخلت على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وسلمت عليه و رجعت ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : مالك ؟ قالت : والله ما استطعت أن أكلم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من هيبته ، فانطلق علي معها إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال لهما : لقد جاءت بكما حاجة ، فقال علي : مجاراتهما فقال ( صلى الله عليه وآله ) : لا ولكني أبيعهم وأنفق أثمانهم على أهل الصفة ، وعلمها تسبيح الزهراء .
وروي أنها لما ذكرت حالها وسألت جارية بكى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن في المسجد أربعمائة رجل مالهم طعام ولا ثياب ولولا خشيتي خصلة لأعطيتك ما سألت ، يا فاطمة إني لا أريد أن ينفك عنك أجرك إلى الجارية ، وإني أخاف أن يخصمك علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يوم القيامة بين يدي الله عز وجل إذا طلب حقه منك ثم علمها صلاة التسبيح فقال أمير المؤمنين : مضيت تريدين من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الدنيا فأعطانا الله ثواب الآخرة .
تحليل :
هذه الروايات لايمكن تفسيرها في ضوء الفهم البشري المباشر لها بأدواته المتواضعة فهو حين يتعامل مع الخادمة يراها حاجة كمالية لان النساء ربات الخدور تقوم بمهام البيت على اتم وجه دون الحاجة الى خادمة ، والامر الاخر ان هذا الفهم لايحتمل ان يجمع للنبي وللإمام علي ولفاطمة عليهما السلام معاجزهم الخارقة لنواميس الطبيعة مع نزولهم الى مستوى الحاجة الى خادمة او الوقوع في الفقر المدقع او انهم يستطلعون الحال في حين تاتي روايات تبين لبعض الأئمة كرامة ان يرى أصحابه وهم خارج الدار او في أقصى الأرض ولفهم الروايات اولا يجب ان نرفعها الى مقامهم عن مقامنا لانه كلام معصوم فيه جهة اليقين على اشدها في حين جهتنا في الفهم تعتمد الاحتمال والتخمين
والاحتمال ضرب من الخيال في بعض الاحيان لاصابة الواقع المجهول ولاينتج في الغالب الا فسح المجال لوقوع ماهو بشري في حق اثر المعصوم وهذا من اعظم الكبائر !
ثم ان الفهم البشري ينطوي على مدركات آنية مبنية على الواقع الحاضر ان هذا الفهم قد يختلط عليه مامضى فتاتي روايات يكثر فيها الوضع والتحريف فما حسبك بالمستقبل من الامور وهو بالنسبة له غيب مطبق . ان خير وسيلة لفهم حديث المعصوم هو بالمعصوم ذاته فهناك روايات توضح روايات وايات توضح روايات وروايات تعززها شواهد من العقل والمعقولات مضافا الى راي المعصوم منضما اليها .
ومن مماسبق نعرف ان مايبرز الينا من روايات اهل البيت ماهو الا صورة لبيان التشريع لنا اما هم فقد تحملوا الدور كممثل فقط وليس كاسب للرقي الا في مجالات القرب العليا من الحضرة الالهية أي مافوق العصمة من مراتب متقدمة ولعلنا نذكر بعض الروايات التي ترى فيها اهل البيت ينظرون الينا فيها نظرة القران الينا تماما (ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اساتم فعليها ) مالذي يجنيه علي عليه السلام من حرب معاوية هل الغلبة فهو ممن اعترف له القريب والبعيد بشجاعته وبطولاته ام يرغب في ذهب ومال الشام فقد عقد عمره على اكل خبز الشعير اليابس وجريش الملح وقد كانت في خلافته تتدفق الاموال وسبائك الذهب فيقول لها عبارته المشهورة غري غيري فقد طلقتك ثلاثا لارجعة لي بك ويعدد من صفاتها مايبرهن على تفاهتها حقا عنده ..
مالذي تجنيه فاطمة الزهراء من فدك وهي التي حازت على فدك في حياة ابيها النبي الكريم وكان لزوجها علي عليه السلام بساتين كثيرة يجبى اليه منها الاموال الوفيرة  ثم يجمع الكل ليذهب الى الفقراء صدقات وهبات ومنح ..
على الباحثين ان يدققوا في الروايات في مضامينها لمن تستهدف ولماذا نرى اختلاف الدور عند اهل البيت وهل هو لاختلاف الخصائص ..ان الجواب على هذا الامر بديهي فاهل البيت عدا النبي والامام علي شي واحد فالائمة من الحسن الى الحجة القائم متحدون في الخصائص وما اختلاف الدور الا من اختلافنا نحن فالبشر تتغير وعلى هذا فزمن الامام علي عليه السلام لم يكن مؤهل لان يسجن فيه لان صدر الاسلام وماتلاه بقليل كانت لمبادئ الإسلام قوة واحترام ومنعة في حين كانت ايام هارون العباسي سنة بعض الخلفاء هي المحترمة والمؤقرة وهي ممايناسبهم في توطيد مماليكهم فكان زمن الامام موسى بن جعفر الكاظم بالحال الذي عاش فيه سجينا في زنازين الظالمين يسطر الصبر المحمدي والاباء العلوي قربة الى الله سبحانه .  
وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) لها : أي شئ خير للمرأة ؟ قالت : أن لا ترى رجلا ولا يراها رجل . فضمها إليه وقال : ذرية بعضها من بعض .
تفسير الثعلبي ، عن جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) ، وتفسير القشيري ، عن جابر الأنصاري أنه رأى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فاطمة وعليها كساء من أجلة الإبل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة ، فقالت : يا رسول الله الحمد لله على نعمائه ، والشكر لله على آلائه فأنزل الله ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) .
وعن ابن شاهين في مناقب فاطمة ، وأحمد في مسند الأنصار بإسنادهما عن أبي هريرة وثوبان أنهما قالا : كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يبدأ في سفره بفاطمة ويختم بها ، فجعلت وقتا سترا من كساء خيبرية لقدوم أبيها وزوجها فلما رآه النبي ( صلى الله عليه وآله ) تجاوز عنها وقد عرف الغضب في وجهه حتى جلس عند المنبر فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها ونزعت الستر فبعثت به إلى أبيها وقالت : اجعل هذا في سبيل الله فلما أتاه قال ( عليه السلام ) : قد فعلت فداها أبوها ثلاث مرات ما لآل محمد وللدنيا فإنهم خلقوا للآخرة وخلقت الدنيا لهم .
وفي رواية أحمد : فإن هؤلاء أهل بيتي ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا

 

الجمعة، 8 يونيو 2012

كتاب في حلقات : الحلقة الثانية


كتاب في حلقات : السيدة الزهراء بين الاخبار والاسرار : 
الحلقة الثانية : 
اثير الخاقاني 
 
 الصديقة الزهراء مؤشر حي مستمر على مدى الجهل العربي بقيمة العظماء بل وقساوة النزعة البدوية عندهم تجاه المرأة ..نعم كان يكرمون المرأة ولكنه تظاهر بالقيم انكشف بجلاء مع السيدة الزهراء حينما وصلت بفكرها الراقي الى تعرية طموحاتهم بالتسلط على الرقاب وبناء اولى لبنات الاستبداد الديني ...






واكمالا للحلقة الاولى نتمم ذكر بعض الايات القرانية الكريمة تعضيدا واثباتا لان القران اصدق واعظم مايحتج به ونكمل بآية المودة :

آية ( المَوَدَّة )
آية ( المَوَدَّة ) ، وهي قوله عزَّ وجلَّ :
) قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى ( الشورى : 23 .
وقد أخرج أبو نعيم ، والديلمي ، من طريق مجاهد ، عن ابن عباس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه واله : لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى أن تحفظوني في أهل بيتي ، وتَوُدُّوهُم لِي .
المصادر من كتب المسلمين :

ذكر المحدثون والمفسرون من علماء أهل السنة أحاديث كثيرة في تفسير هذه الآية؛ منها ما يلي:
  • مسند أحمد بن حنبل: «عن ابن عباس قال: لما نزلت (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم قال: " علي وفاطمة وابناهما».فضائل الصحابة، ابن حنبل: 2: 669 ح1141.

  • صحيح البخاري: «عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى (إلا المودة في القربى) قال سعيد بن جبير: قربى آل محمد (ص)».  فضائل الصحابة، ابن حنبل: 2: 669 ح1141.

  • صحيح مسلم: «سئل ابن عباس عن هذه الآية فقال ابن جبير: هي قربى آل محمد (عليهم السلام)». صحيح البخاري، ج6، ص: 37.

  • الكشف والبيان للثعلبي: اختلفوا في قرابة رسول الله (ص) أمر الله تعالى بمودتهم قال: عن ابن عباس قال: لما نزلت * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: "علي وفاطمة وابناهما")». تفسير الكشف والبيان، الثعلبي، تفسير الآية 23 سورة الشورى.



وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ
( وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ) الإسراء : 26 .
فقال شرف الدين في كتابه النص والاجتهاد :
( إن الله عزَّ سلطانه لما فتح لعبده وخاتم رسله ( صلى الله عليه وآله ( حصون خيبر ، قذف الله الرعب في قلوب أهل فَدَك ، فنزلوا على حكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صاغرين .
فصالحوه على نصف أرضهم – وقيل : صالحوه على جميعهافقبل ذلك منهم ، فكان نصف فَدَك مُلكاً خالصاً لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، إذ لم يوجف المسلمون عليها بِخَيلٍ ولا رِكَاب .
وهذا مما أجمعت الأمّةُ عليه ، بلا كلام لأحدٍ منها في شيء منه ) .
فعندما أنزل الله عزَّ وجلَّ قوله : ( وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ ) .
أنحلَ فاطمةَ فدكاً ، فكانت – فَدَك – في يدهاللزهراء ( عليها السلام ) – حتى انتُزِعَتْ منها غَصباً في عهد أبي بكر .
وأخرج الطبرسي في مجمع البيان عند تفسيره لهذه الآية فقال : المُحَدِّثون الأَثبَاث رَوَوا بالإِسناد إلى أبي سعيد الخدري أنه قال : لما نزل قوله تعالى : ( وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ ) ، أعطى رسولُ الله فاطمة فدكاً ، وتجد ثَمَّةَ هذا الحديث مِمَّا ألزم المأمون بِرَدِّ فَدَك على وُلد فاطمة ( عليها وعليهم السلام ) .
7ـ وهي قوله عزَّ وجلَّ :
( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّة ) البيِّنة : 7 .
ففي تفسير مجمع البيان عن مقاتل بن سليمان عن الضحَّاك عن ابن عباس في قوله :
( هُمْ خَيرُ البَرِيَّة ) قال : نَزَلَتْ فِي عَليٍّ وأهل بيته ( عليهم السلام ) .



في سورة الرحمن
 
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ  الرحمن19 /20
 روى (الفقيه الشافعي) جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في تفسيره قال: وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله (تعالى):
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ).
قال: علي وفاطمة.
(بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ).
قال: النبي صلى الله عليه وسلم:( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)
قال: الحسن والحسين.تفسير الدرّ المنثور6/142.



في سورة النور المباركة :
 
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِالنور36

روى العلامة البحراني، عن الفقيه الشافعي ابن المغازلي في كتابه (المناقب) يرفعه إلى علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن عن قول الله عز وجل: (كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة(.
قال: (المشكاة فاطمة، والمصباح الحسن والحسين.
)
الزجاجة كأنها كوكب دري) قال: كانت فاطمة كوكباً درّيّاً بين نساء العالمين.
)
يوقد من شجرة مباركة) إبراهيم (عليه السلام(.
)
لا شرقية ولا غربية) لا يهودية ولا وثنية.
)
يكاد زيتها يضيء) قال: كاد العلم ينطق منها.
)
ولو لم تمسسه نار نور على نور) قال: منها إمام بعد إمام.
)
يهدي الله لنوره من يشاء) يعني: يهدي لولايتنا من يشاء(.

)
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ * رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) النور: 36 - 38.

روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني أبو الحسن الصيدلاني وأبو القاسم بن أبي الوقاء العدناني (بإسناده المذكور) عن أنس بن مالك وعن بريدة قالا: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه الآية: (في بيوت أذن الله - إلى قوله - الأبصار(
فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أي بيوت هذه؟
قال: (بيوت الأنبياء(.
فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها بيت علي وفاطمة؟
قال (صلى الله عليه وآله): (نعم من أفاضلها(.
وروى العلامة البحراني عن تفسير مجاهد وأبي يوسف يعقوب بن سفيان عن ابن عباس قال: إن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة، فنزل عند أحجار الزيت ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه، فنفر الناس إليه إلا علي، والحسن والحسين وفاطمة وسلمان وأبو ذر، والمقداد، وصهيب، وتركوا النبي قائماً يخطب على المنبر، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله(:
)
لقد نظر الله إلى مسجدي يوم الجمعة، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت المدينة على أهلها ناراً، وحصبوا بالحجارة كقوم لوط، ونزل فيهم: (رجالا لا تلهيهم تجارة)

) :  الاية الكريمة اهدنا الصراط المستقيم) الفاتحة/6
روي الحافظ الكبير، الحاكم الحسكاني الحذّاء (الحنفي) النيسابوري، من أعلام القرن الخامس الهجري، في كتابه (شواهد التنزيل، لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت(:
قال: أخبرنا الحاكم الوالد أبو محمد عبدالله بن أحمد ... عن أبي بريدة في قول الله:
اهدنا الصراط المستقيم
قال: صراط محمد وآله.
وروى هو أيضاً قال: أخبرنا عقيل بن الحسين القسوي .... عن سفيان الثوري، عن أسباط ومجاهد، عن ابن عبّاس في قول الله تعالى:
)
اهدنا الصراط المستقيم(
قال: يقول: قولوا معاشر العباد اهدنا إلى حبّ النبيّ وأهل بيته.
)
أقول) آل محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته محورهم الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء، ولولاها لم يكن لعلّي زوج تليق بإنجاب الأئمة الأطهار (عليهم الصلاة والسلام)، وقد ورد في حديث الكساء الشريف: «هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها» فهي المحورحتّى في الحديث القدسي.
)صراط الذين أنعمت عليهم) الفاتحة/7
أخرج علاّمة الشافعيّة أبو بكر الحضرمي في كتابه «رشفة الصادي» قال:
اهدنا الصراط المستقيم. صراط الّذين أنعمت عليهم.
قال أبو العالية: هم آل رسول الله )صلى الله عليه وسلّم(.
)
أقول) بما أن سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) من «آل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)» كما سيأتي مكرّراً منّا التنبيه على ذلك، مشفوعاً بحشد من الأدلّة المتكاثرة ـ صحّ عدّ هذه الآية الكريمة فيما نزل في شأنها صلوات الله عليها من القرآن الحكيم.
  )
فتلقّى آدم من ربّه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) البقرة/37
روى العلاّمة الحافظ ابن المغازلي (الشافعي) في مناقبه ـ بإسناده المذكور ـ عن سعيد بن جبير، عن عبدالله بن عبّاس سأل النبي (صلّى الله عليه وسلّم) عن الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه؟
قال (صلى الله عليه وسلّم) سأله بحقّ محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلاّ ما تبت عليّ «فتاب عليه».
وأخرج نحواً منه علاّمة الشوافع السيوطي في تفسيره وآخرون أيضاً.
)وإذ ابتلى ابراهيم ربّه بكلماتٍ فأتمّهن) البقرة/124
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده عن المفضّل، قال: سألت جعفر الصادق (رضي الله عنه) عن قوله عزّوجل:
)
وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلمات) الآية.
قال: هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه.
وهو أنه قال: (يا ربّ أسألك بحقّ محمد، وعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين ألاّ تبت عليّ(.
)
فتاب عليه إنّه هو التوّاب الرحيم(.
فقلت له: يا بن رسول الله فما يعني بقوله:
فأتمّهنّ؟
قال: يعني: أتمّهنّ إلى القائم المهدي اثني عشر إماماً تسعة من الحسين.
)
أقول): معنى هذا الحديث الشريف ـ والعشرات من أمثاله المرويّة في كثير من المصادر ـ: أنّ فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) كانت إحدى الكلمات الّتي عناها القرآن الحكيم في هذه الآية المباركة، وأوجبت اختبار الله تعالى بهنّ نبيّه العظيم إبراهيم الخليل (عليه وعلى نبيّنا وآله الصلاة والسلام(.
)يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافّةً) البقرة/208
روى العلاّمة البحراني، قال: روى الأصفهاني (يعني: أبا الفرج) الأموي في معنى الآية من عدّة طرق إلى عليّ أنّه قال:
)
ولايتنا أهل البيت(.
)
أقول) ضمير (نا  ( راجع إلى أهل البيت ـ الّذين ثبت بالأدلّة الأربعة وجوب ولايتهم ـ وأن بها تقبل الأعمال وتزكّى الأفعال، وسيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) من أهل البيت، فتكون هذه الآية ممّا نزل بشأنها وبشأن بقيّة أهلها ـ أهل البيت ـ (عليهم السلام(.
إذن: فالسلم الّذي أمر الله تعالى الناس بالدخول فيه هو الاعتراف بولاية عليّ والزهراء وأولادهما الأحد عشر الأئمّة الأطهار (عليهم جميعاً صلوات الله(.
ولعلّ تفسير (السلم) بهم لكونهم السبب الوحيد للسلامة والأمن في الدنيا والآخرة.
) : الاية الكريمة  فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) البقرة/256
روى العلاّمة البحراني، عن أبي الحسن الفقيه محمد بن عليّ بن شاذان، في المناقب المائة من طريق العامّة بحذف الاسناد عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) يقول في حديث : (معاشر الناس اعلموا أن لله تعالى بابا من دخله أمن من النار ومن الفزع الأكبر ) فقام إليه أبو سعيد الخدري فقال:يارسول الله اهدنا لهذا الباب حتى نعرفه.
قال (صلى الله عليه وسلّم): (هو عليّ بن أبي طالب سيّد الوصيّين، وأمير المؤمنين، وأخو رسول ربّ العالمين، وخليفة الله على الناس أجمعين، معاشر الناس من أحب أن يتمسّك بالعروة الوثقى الّتي لا انفصام لها فليتمسّك بولاية عليّ بن أبي طالب، فولايته ولايتي، وطاعته طاعتي. (معاشر الناس)من أحب أن يعرف الحجة بعدي فليعرف علي بن أبي طالب(معاشر الناس) من سرّه ليقتدي بي، فعليه أن يتوالى ولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة من ذرّيتي، فإنّهم خزّان علمي» الحديث.
)
أقول) وحيث أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) أحبّ أهل بيت النبيّ وذرّيته إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وهي أمّ الأئمّة من ذرّيته، فيكون ولاؤها كولايتهم، ولاءاً للرسول الأعظم، وتمسّكاً بالعروة الوثقى، وتكون الآية ممّا أشار ألى فضلها ونزل في حقّها سلام الله عليها   (.
) :الاية الكريمة   فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونسائنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لّعنت الله على الكاذبين) آل عمران / 61
روى العلاّمة البحراني، قال: من صحيح مسلم، من الجزء الرابع في ثالث كرّاس من أوّله، في باب فضائل عليّ بن أبي طالب (باسناده المذكور) عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟
قال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) فلن أسبّه لأن تكون لي واحدة فهنّ أحبّ أليّ من حمر النعم، سمعت رسول الله يقول ـ حين خلّفه في بعض مغازيه ـ فقال له عليّ: يا رسول الله خلّفتني مع النساء والصبيان؟
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنه لا نبيّ بعدي ( وسمعته ) يقول يوم خبير: لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله (قال) فتطاولنا لها فقال (صلى الله عليه وسلّم): ادعوا لي عليّاً فأتى به أرمد العين، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه، ففتح الله على يده.
ولمّا، نزلت هذه الآية: (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل) دعا رسول الله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، وقال ( صلى الله عليه وسلّم):
اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي.










 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب : ق,ب,م