السبت، 29 سبتمبر 2012

جدلية الديني والسياسي اثير الخاقاني


جدلية الديني والسياسي
اثير الخاقاني
لا وجود حقيقي – بأعتقادي -  للجدل الديني والسياسي  وإنما هي اشتباكات سياسية مع النصوص الدينية مع تفعيل عناصر بشرية تدرعت بالنصوص لتبين للرائي انها الدين يلتقي او يختلف مع السياسة  . الواقع اننا شهدنا بصورة واضحة مع قليل من الوعي كيف حركت ماكينة الاعلام الغربي اجندتها لصناعة عوامل معينة تتحدث بأسم الاسلام والاخطر تجيب نيابة عنه في بيان النصوص وهم في الغالب لم يصل الكثير منهم الى الاختصاص في علوم الشريعة والافتاء ..ان صناعة قيم دينية ليس صعبا على السياسة بقدر ماهو سلاح غير قابل للسيطرة ويتشظى باستمرار حتى على معامل تصنيعه ..لقد صرح هنري كيسنجر في اوائل السبعينات في محاولة لتوتير الخطاب الاسلامي تدريجيا ان هناك "حربا محتملة بين الشيعة والسنة " في حين كانت الحروب قومية او اشتراكية والقادة لمعظم الدول من العلمانية او قريبين منها ..ان الجدل بين الفكر الديني والسياسي اختراع واختراق سياسي صرف لان المنظومة الدينية قيمية ثابتة وعلاقتها بدوامة السياسة كانت متشائمة دائما على طول التاريخ لكننا لا نغفل الامثلة المتكررة لرجل دين في ركاب السلطة او واعظ يمدح نظام حكم ما ويقف بأزاء هذه الامثلة عالم او فقيه او مفكر يتحدى السلطة والسلطان ثم تنتهي المنازلة بالدماء والشهادة ومزيد من وعاظ السلاطين ..ان رغبة التحليل تحدو بنا الى معرفة هذين الخطين معرفة جذرية لفهم الاختلاف بينهما ..هناك ثلاث نظريات عززت من وجود جدلية الديني والسياسي الوهمية
1.      الالفاظ المتعددة في الدلالات والمعاني.
2.      الضغط الجماهيري على ارادة النص .
3.      الدعم الدولي .
اما الالفاظ فهي مزلة ومزلق لرجل الدين والفرد البسيط في عجلة السياسي فلدينا لفظة الدين وهي لفظة قابلة ان تكون بمعنى العبادة  بلا حصر ومرة بمعنى العبادة المحصورة بالصلاة والصيام والصدقة والحج واخرى تدل لفظة الدين على السلوك القويم والاخلاق الفاضلة ورابعا تكون لفظة الدين نظام تشريع ودستور محكم التفاصيل ..لم نجد من جمع المعاني جميعها على ارض الواقع بل تشتت دلالات اللفظ على تنوع الطيف الاجتماعي . لعب السياسي دورا مهما في قصر معان معينة للفظة الدين في محاولة لضرب المعاني الاخرى وقد ذهب بعض من الانظمة رسميا الى تحديد لفظة الدين في الانشطة العبادية " المسجد ، المبرات الخيرية ، الحج "  مما ضاعف من انتشاره اعتياد المجتمع عليه فزادت نسبة بناء الجوامع قياسا بعدد المدارس والجامعات الاسلامية نسبة غير منسجمة تماما والأكثر وقعا انه اصبح نسق حياة للطبقة العامة التي ترى الدين فيما اختارته السياسة لها من لفظة الدين .!!
   في الوقت الذي تلاعبت فيه السياسة في تفسير دلالات الدين ومعانيه وزعت تصوراتها على خطاب الجمهور العربي المتحمس دائما فشكلت مثلا من قضية فلسطين بعدا دينيا للفظة الجهاد فقط  وهي من موارده بلا شك ولكن ليس كل المعنى وجمدت مدلولاته الاخرى كالجهاد في البناء والعلوم والاصلاح ، وهي تعلم ان فلسطين صعبة على الفرد العربي للجهاد فيها هناك لان الذي جهزهم للجهاد في فلسطين منعهم تاشيرة السفر اليها وابقاهم محبوسين في دلالة حائرة للفظ .يتحدث الكاتب المصري فهمي هويدي في كتابه (طالبان جند الله في المعركة الغلط ) - وهو عبارة عن رحلة استشكاف لاول امارة اسلامية في العالم الاسلامي على النمط السلفي – عن مشاهد متناقضة تمثل نمط التفكير السياسي المحدد للاهداف المسبقة سلفا من توزيع المعاني اللغوية فمن هذه المشاهد ماحكاه عن تحريم عديد من مظاهر الحياة الجائزة والمحرمة والمباحة ثم كتب فصلا عقده بعنوان (عندما يكون الافيون هو الحل) اذ وجد بذهول ان الامارة الاسلامية ابقت على هذه التجارة بذرائع ذكرها على لسانهم معقبا عليها بالرفض  في حين كان الشباب الاسلامي العربي يضغط عليه الاعلام والفتاوى الالكترونية المجهولة والمعلومة على الالتحاق بركب المجاهدين هناك ..!
الدعم الدولي حقيقة جلية لكن في زمن العميان اصبحت شكوك وتحتاج الى اثباتات وبراهين ..في غمرة الاجتياح السوفيتي لافغانستان ظهرت عمائم بيضاء وسوداء بدعم امريكي مباشر وغير مباشر كما عبر عنه كبار قادة البنتاغون وتسريبات الصحف وشهادة بعض السلفيين عن دعم امريكي لدحر الجيش السوفيتي البعض عبر عنه بألتقاء المصالح ! اذكر من هذه الشهادات شهادة احد علماء الجماعة الاسلامية (امير الغمري الذي اجاب عن سؤال محاوره حول وجود دعم خارجي لحركة طالبان اجاب بقوله : التقت المصلحة الأمريكية بأن تعمل على دعم المجاهدين الأفغان، استمرارا في حربها الباردة ضد الروس ولكي تحرمهم من السيطرة على أفغانستان أو الوصول إلى بترول منطقة الخليج، والتي كانت تطمع روسيا في الوصول إليه قبل أمريكا، خاصة وأن كل جهة داعمة في الجهاد الأفغاني كانت تطمح إلى حصد الحظ الأوفر من النتائج، والأرباح. )

تزينت الصحف الامريكية والبريطانية بالذات بصور الجماعات الاسلامية المسلحة واصبح الاسلام حينما يطلق يتبادر لزوما في الذهن الغربي والشرقي اسماء امراء هذه الجماعات والتنظيمات والاخطر من ذلك ان الاعلام الغربي دوّل اجابات هذه الجماعات في بيان راي الدين والشريعة في مسائل حساسة مثل الجهاد والسلام والحوار والسلاح والعلاقات الدولية ووجهة نظر الاسلام وأخلاقياته وغدت هي النص ..
كان الخطاب الاسلامي الفكري المتزن مغيب في السجون او في شظف العيش او في المهجر او تحت التراب كذكرى على حركة فكرية مدوية ..بماذا نسمي الاعدام السريع لمفكر هائل وزعيم طائفة كبيرة كـ محمد باقر الصدر
رغم ان النظام السابق للتو استلم مقاليد الحكم بعد مرور عام واحد فقط 1979 فقد اعدمه في عام  1980 في حين وقفت الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي وبعض الدول يفتشون عن زعيم القاعدة اثناعشر عاما بكافة الامكانات والممكنات ثم وجدوه في مربع جغرافي لايبعد سوى حدود دولة مجاورة ..انا لااعتقد بعدم قدرتهم كل هذا الوقت بمقدار ما اعتقد انهم جيشوا الخطاب الديني المتصور لصالحهم اطول مدة ممكنة ..اننا امام حرب خطاب سياسي متلون بألوان التراث الديني والفكري والاجتماعي ..


0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب : ق,ب,م