السبت، 29 سبتمبر 2012

الوعي قيمة التدين اثير الخاقاني


الوعي قيمة التدين
اثير الخاقاني
الدين فطرة الانسان وهذه الفطرة مطابقة للإسلام كنظام تشريع في الواقع وفي التراث الاسلامي مصادر لهذا المبدأ كثيرة وبديهية   وقد نتفاجأ بدهشة اننا نرى وعيا قرانيا اسلاميا على السنة فلاسفة وعلماء اوربا والغرب عموما في فترات مختلفة من التاريخ لفطرية الدين :
فمثلا  يقول اينشتاين في كلمة مطولة له  : إنّ العقيدة والدين موجودان في الجميع دون استثناء ... إنّي اُسمّيه ( الشعور الديني للخلق ) .. في هذا الدين يشعر الإنسان الصغير بآمال وأهداف البشرية العظيمة والجلال الكامن خلف هذه القضايا والظواهر ، إنّه يرى وجوده كسجن ، وكأنّه يريد التحرّر من سجن الجسم ليدرك الوجود كلّه كحقيقة واحدة  ( العالم الذي أراه : ص53).
ويقول العالم الشهير باسكال : للقلب أدلّة لا يدركها العقل ( مسيرة الحكمة في اوربا : 2/14).
ويقول ويليم جيمز :
" إنّي أقرّ تماماً بأنّ القلب هو المصدر للحياة الدينية ، كما اُقرّ بأنّ القواعد الفلسفية تشابه موضوعاً مترجماً كُتب نصّه بلغة اُخرى "( مسيرة الحكمة في اوربا : 2/14).
ولكن هذه الفطرة تتفطر شيئا فشيء بهزات اجتماعية او اقتصادية او فكرية او الكل مجتمعة على فرد او جماعة لياتي البلوغ ملوثا بلا فطرة او بها مشوهة مجزئة والنسبة الكبرى من المجتمعات البشرية هي من هذا النوع المأساوي لذا يكون لزاما على الجميع لو تعقلوا الحقيقة ان يتمنهجوا بشريعة واقعية  كنظام وأحكام وضوابط منهجية مستمرة وهذا ما حدا بالمجتمعات حينما انتقلت من فطرية الاديان بعد التطورات السلوكية والفكرية معا كتطورات مؤدية الى ضبابية في صورتها الفطرية بل غيابها كما حدث بعد الثورة الصناعية مثلا من مخلفات اخلاقية افرزت اجيالا في فرنسا وانكلترا مسخّرات آلية للمعمل والمصنع ولا ارغب بتقليب مذكرات العديد من ابناء تلك الثورة وكيف كانت مسيرة حياتهم لأنها فوضى إلاّ من ثلاث مشتركات اولها انهم في معظمهم بلا طموح سوى الذوبان في الالة بلا عائلة لانهم عاشوا في حارات ومحلات مكتظة بالعمال وغرف مظلمة والمشترك الثالث الاخطر خلفوا من هذه الحارات والغرف ملاجئ لاطفال بلا هوية !!
في تعليلي الخاص كقراءة دينية لاهوتية ان المجتمعات الاوربية تحولت من الدين عندما فقدت فطرتها وفطرته فطرتها بأنحرافها عن خط الفضائل وفقد الدين عندهم فطرته حينما ضاربت الكنائس به شكلا وتصورا في بورصة الملوك والنبلاء صعودا ونزولا وقد خسرت في لعبة الدين والسياسة آخر اوراقها الملونة دينيا في الوقت الذي احسّ الفلاح والامير بنفس المسافة  ان الكنيسة ورجل الدين  صورة عنهما لا عن السماء ..! لكن هذه التحولات من الدين في اوربا سقطت في فوهة العلمانية اذ لا شريعة في المسيحية تحكم الحياة بل عبادات تنسجم لو تطابقت مع الانجيل الحق معى حكومة القلب والمشاعر الا اننا امام معمل يعمل في وسط اوربا ومرابي يمول ولامجال للعبادات كثمن مؤجل ..فنشأ هناك وعي حزين على اخفاقة لازال الغربي ينوء بها وهي ماذا بعد تلبية الحاجات؟  لماذا انا هنا ؟ هل علي ان اعيش اكثر ؟ وما الفائدة ؟ هذه التساؤلات لم تجب عنها فورة العلمانية القديمة والحديثة الا بزيادة عدد مشافي الامراض العقلية وثلاجات الموتى ومشرحات الجثث  لتلبي اعداد المنتحرين للحصول على هدف كما يتصورون !!
الوعي الاسلامي :
القران في الشرق مصدر الوعي العربي والاسلامي والعجب من بعض مثقفي العلمانية او كما يريد من لفظتها ان تكون بـ (العالمانية ) ينازع في هذه الحقيقة ولاينازع في مشروع العقل العربي للمفكر محمد عابد الجابري في كونه مصدر للتنوير والوعي الحديث في حين يتصدر رأي شاخص له في اول اجزاء كتابه السالف  في ان القران مصدر وتراث اساس للعرب والمسلمين ولايملك العرب غيره من المصادر لبناء حضارتهم الخاصة بهم . الوعي الاسلامي نابع اكيد من القران والقران عند العرب والمسلمين في اهمال وهجر متزايد ونلاحظ هذه الظاهرة في شيوع اللغات الاخرى في اللسان العربي  مماتكسر فصاحته ان لم تكسره فعلا وقد قرأت عن مجموعة من طلاب الدراسات العليا ينال الرتبة العلمية في جامعات السوربون وغيرها في اللغة العربية والاكثر ايلاما ان اعظم مختبرات الايقاع الصوتي للغة العربية وهو علم مهم فيها يتفرع الى (علم الصرف وعلم اللسانيات وعلم العروض وعلم دلالات النغمات اللفظية على المعاني وهو من العلوم الجديدة من حيث المنهج لا من حيث الفكرة ) في المانيا الاتحادية وترسل لنا من تلك المختبرات والجامعات اساتذة ومناهج للغة العربية بالرغم من كون القران انزل على النبي العربي في تخوم مكة وما حولها ولسان العرب هو لسان القران بلا ترجمان ..! ومن  امثلة هجر القران واهماله البارزة  هو في غياب الوعي  الاسلامي عن حركة التدين والمتدينين وهي ضربة مباشرة للفكر القراني مصدر الوعي الاسلامي ولا اظنني بحاجة الى القول انها حرب على القران بصورة غير مباشرة وبنية غير مقصودة طبعا .. اذن ماهو الوعي الاسلامي الذي له هذا الشان والشأنية في القران ومصادر التشريع يمكن تقريب الوظيفة الاساسية له بوظيفتين وهذا الحصر مني والاّ فوظائفه متعددة جدا ونتعرض للوطيفة الاولى في هذه الحلقة  بشي من التفصيل في حين تبقى الوظيفة الثانية للحلقة الثالثة  :
الوعي الاسلامي قيمة التدين :
الوعي الاسلامي على رقعة الحياة لا الرمزية الدينية :
الوعي الاسلامي قيمة التدين :
يروى بالمضمون والمفاد ان احد الانبياء عليهم السلام رأى عابدا ناسكا متهجدا فأعجبه حاله وانقطاعه الى الله تعالى فسال النبي من الله تعالى عن امر هذا العابد فتفاجأ ان مقامه بسيط جدا ولكن الله تعالى اوحى له ان اساله عن سبب عبادته الطويلة والشديدة فلما سال النبي هذا العابد عن سبب عباداته هذه اجاب انها من اجل ان ينزل الله تعالى دابة تأكل هذه الحشائش التي ملأت ارض الله تعالى !! الوعي هو استعمال العقل في موضعه ضمن منهج محكم موزون فلايطغى على حدود القلب ومشاعره وعواطفه ولا يضمحل لتطغى العاطفة على العاقلة فالطقوس الدينية التي تخرج عن الوعي هي اختلال في موازين الوعي والقلب وتصادم بين حكومتي العاطفة والعاقلة والعلمانية هي ايضا اختلال في هذه العلاقة وبعض انماط التفكير الديني والفكر السياسي بمعظمه والقانون الوضعي وغيرها من الصور المنبثقة عن هذه العلاقة الصدامية .. الوعي الاسلامي هو تعقل لمفاهيم الفطرة اولا ثم تشريعات الاسلام كنظام وبالتالي مانراه من ممارسات هنا وهناك تعكس فشلا توعويا او في الوعي ذاته فمثلا حينما نرى المحسن عندنا يتبرع ببناء جامع وهو عمل خيري بلا شك ومرضي عند الخالق لان فيه اجتماع على الخير والمعروف ولكننا لانرى مثل هذا المحسن وهو يتبرع  لبناء صيدلية او مستوصف خيري او يساهم في بناء مدرسة للفقراء انني على اعتقاد جازم ان الذي يمنعه ليس الاجر فهو واحد مادام العمل لله تعالى ولكن المانع هو وعيه نفسه !! الوعي الذي يصور لنا ان بناء جامع هو العمل الخيري واما المدرسة فهي من عمل الحكومة ويعد صرف المال فيها تبذيرا ..لا ادري لماذا غاب عنا اهل البيت عليهم السلام في ساحة المعاملات في حين نعيش معهم في العبادات عشرات المرات بالصلوات والزيارات ..اليس الائمة هم من يقطع احرامه من اجل قضاء حاجة مؤمن ..اليسوا هم من علمونا ان قضاء حاجة مؤمن تعدل عند الله تعالى  كذا عمرة وحجة  ... ومن ازمة الوعي الاسلامي ايضا هي مانراه من الحديّة في التعاطي معى الفقه والفقهيات اليست الشريعة سمحة سمحاء فصلاة الجماعة مشكلة حقيقية في مساجدنا فأمام الجماعة يشترط فيه ان يكون معصوما لا عادلا فأي خلل في سيرته يقضي عليه الى اخر الدهر !! وبعض المصلين تقودهم حالة انتقامية تجاه الاخر بعد الصلاة فمنهم من يبطل صلاة الاخر لانه اخطأ في حديثه او لم يعجبه منظره وغيرها من محقونات الشخصية ..اننا نرى كثرة في المدح ومعها كثرة في الاغتياب  كثرة في الاشاعات قلة في النصح والدفاع عن المؤمن ، كثرة في الزيارات والعمرة والحج وقلة في صلة الارحام وبرّ الوالدين والأهل والأحباب .. الوعي الاسلامي يتيم عندنا لان حملته هم المفكرون وهم في الغالب اما تحت التراب او خلف الابواب لواذا من احجار قريش ...!!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب : ق,ب,م