الاثنين، 15 أكتوبر 2012

اضاءات في فكر الامام الجواد عليه السلام :



اضاءات في فكر الامام الجواد عليه السلام :

الاضاءة الاولى :

الرواية الاولى :روى أحمد بن زكريّا الصيدلاني ، عن رجل من بني حنيفة من أهالي سَجِستان قال :

رافقت أبا جعفر ( عليه السلام ) في السنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم ، فقلت له وأنا على المائدة : إنّ والينا جعلت فداك يتولاّكم أهل البيت ويحبّكم وعليّ في ديوانه خراج ، فإن رأيتَ جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإحسان إلي .

فقال ( عليه السلام ) : لا أعرفه .

فقلت : جعلت فداك إنّه على ما قلت ، من محبّيكم أهل البيت ، وكتابك ينفعني .

فاستجاب له الإمام ( عليه السلام ) فكتب إليه بعد البسملة :

( أمّا بعد : فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ، وإن ما لك من عملك إلا ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك ، واعلم أنّ الله عزّ وجلّ سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل ) .

ولما ورد إلى سجستان عرف الوالي ـ وهو الحسين بن عبد الله النيسابوري ـ أن الإمام قد أرسل إليه رسالة ، فاستقبله من مسافة فرسخين ، وأخذ الكتاب فقبّله ، واعتبر ذلك شرفاً له ، وسأله عن حاجته فأخبره بها .

فقال له : لا تؤدّ لي خراجاً ما دام لي عمل ، ثم سأله عن عياله فأخبره بعددهم .

فأمر له ولهم بصلة ، وظل الرجل لا يؤدي الخراج ما دام الوالي حيّاً ، كما أنه لم يقطع صلته عنه .

وكان كل ذلك ببركة الإمام ( عليه السلام ) ولطفه .
هذه الرواية عند تحليلها نقف على ثلاث معالم لسياسة الامام الجواد عليه السلام :
1.الامام يتعامل مع الوضع السياسي القائم بحذرية واضحة ويضعهم في معيار من يعرفهم ومن لايعرفهم وهذا دليل واضح على رفضهم المنهج السياسي العباسي وبما ان معالم المنهج العباسي شديدة الانطباقية على سياسة العصر الحديث - عالميا واقليميا - فربما ينعكس القياس نفسه لاتحاد العلة ...يتضح هذا الحذر من جواب الامام على سؤال الراوي عن والي يحب اهل البيت ...فقال ( عليه السلام ) : لا أعرفه . وكان يكفي ان يقول الامام للراوي هل انت متاكد من محبته لنا ؟؟ الامام اكد بانه لايعرفه ...وهذا دليل على اختلاف في المنهج العام للوضع السياسي ..
2. وجه الامام الجواد بكتاب الى هذا الوالي وهذا نصه : ( أمّا بعد : فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ، وإن ما لك من عملك إلا ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك ، واعلم أنّ الله عزّ وجلّ سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل ) . الامام الجواد يعلم بعقيدة هذا الوالي ويعلم يقينا بانه من المحبين له ولابائه ولمنهجه ..ولكن اراد ان يعلم السائل على ان لايطلب من المنهج السياسي شيئا لانه يستوفى منهم اي من اهل البيت في النهاية كحق ..ولهذا لم يطلبوا من الوضع الجائر لا لهم ولا لشيعتهم شيئا وعندما طلبوا فانهم طلبوا من محبيهم الذين شغلوا مناصب معينة في السلطان العباسي مثلا ..ماذا كتب الامام الجواد وبكل اقتدار ...كتب امرا لهذا الوالي بان يستجيب للسائل باعتباره مؤمنا تجيب اغاثته ..وركز الامام على نقطة اساسية وهي ...( فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ) هذا المذهب الجميل افرغ فيه مطالبه دون غيره ...
3. حذر الامام الجواد كل من احبهم في مواقع السلطة بان المحبة لاتغني من الحساب شيئا وهذا واضح في ذيل الكتاب الذي ارسله الامام الجواد الى ذلك الوالي المحب (واعلم أنّ الله عزّ وجلّ سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل ) وهذه رسالة من الامام الجواد الى السياسي المؤمن ان يتنزه عن اي مظهر للفساد في المال او السلطة او الجاه ...
اثير الخاقاني
2012 /10 /15 ..ليل الاثنين ..
منشورة في مدونة الخاقاني الرسمية

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب : ق,ب,م